التنبيه الثاني : [في الشك التقديري]
يعتبر في جريان الاستصحاب فعليّة اليقين والشكّ كما في جميع القضايا الحقيقيّة ، فإنّ الحكم إنّما يكون فعليّا بفعليّة موضوعه ، فإذا قال مثلا : البول نجس ، فإنّما تكون النجاسة فعليّة بعد فرض فعليّة البول فينجس ملاقيه حينئذ.
وبالجملة ، كلّ حكم رتّب على موضوع إنّما يبلغ مرتبة الفعليّة بعد فعليّة موضوعه ، فالاستصحاب موضوعه اليقين والشكّ فإنّما يكون الحكم الاستصحابي فعليّا بعد فرض فعليّة اليقين والشكّ ، وهذا يقتضي عدم العبرة بالشكّ التقديري ، كما في الغفلة فإنّ الشكّ التقديري موجود فيها ، فإنّه لو التفت لشكّ ، فالشكّ متحقّق على تقدير لم يتحقّق فيؤول إلى كون الشكّ غير متحقّق فلا يجري الاستصحاب ، وهذا لا كلام فيه. وإنّما الكلام فيما فرّعه الشيخ الأنصاري على هذا الفرع وهو فرعان :
الأوّل : فيما لو تيقّن الحدث ثمّ غفل وصلّى ثمّ التفت بعد الصلاة وشكّ في أنّه تطهّر بعد حدثه اليقيني أم لا ، فبناء على جريان الاستصحاب لكفاية الشكّ التقديري حال الصلاة تكون الصلاة باطلة ، لأنّه محدث بمقتضى الاستصحاب وإلّا فالاستصحاب بعد الصلاة محكوم بقاعدة الفراغ فتكون الصلاة صحيحة ، لأنّ الشكّ الفعلي الحاصل بعد فراغه من الصلاة وإن كان متحقّقا إلّا أنّ الاستصحاب حينئذ محكوم بقاعدة الفراغ.
الثاني : الفرع بعينه إلّا أنّ المكلّف التفت فشكّ في الطهارة قبل الشروع في الصلاة ثمّ غفل فصلّى فقد حكم الشيخ ببطلان صلاته ، لأنّه بالتفاته إلى حدثه قبل الصلاة وشكّه صار محدثا بحكم الاستصحاب فتبطل صلاته للحدث.
نعم ، لو احتمل طهارته بعد التفاته جرت قاعدة الفراغ حينئذ (١).
__________________
(١) انظر الفرائد : ٣ : ٢٥.