بين امرين. ولولاهما لما تم معنى للظرفية. فالحروف معانيها إيجادية تحصل فى عالم الالفاظ حيث وضعت لتحقق الربط بين مفهومى زيد والدار ، بخلاف المعانى الاسمية فانها اخطارية ينتقل اليها عند التلفظ بها ، ويدركها الذهن مستقلا. ولهذا يحمل ما ورد عنه (ع) : الحرف ما اوجد معنى فى غيره ـ على هذا المعنى.
نعم ايجادها لمعنى ليس كالايجاد فى عالم الانشاء ـ عند قولنا : بعت او آجرت ـ فان كلمة بعت سبب لوجود ملكية فى عالم الاعتبار ، لا فى عالم اللفظ. بخلاف الحروف فانها موجدة للمعنى فى عالم اللفظ. فالمتحصل من هذا ان الحروف موضوعة للربط بين الكلمات كالهيئات ، ولولاها لاصبح الكلام مهملا ، وهى توجد المعنى فى مرحلة اللفظ ، وهذا المعنى بنفسه متقوم بالغير ، ولا استقلال له فى ذاته. بخلاف الاسماء فان معانيها معان مستقلة فى ذاتها تخطر فى الذهن من دون احتياج لشىء آخر. ولاجل هذا ان كل شىء إذا لوحظ للغير ، وكان لحاظه آليا يشبه بالمعنى الحرفى. وكأن اهل الادب التفتوا الى هذا الفارق فأخذوا فى مقام تفسير الاسماء يفسرونها بمالها من المعانى تماما ، ويقولون ، معنى التبر الذهب مثلا. بخلاف الحروف ، فانهم يفسرون كلمة (فى) مثلا ويقولون : انها للظرفية. ولا يقولون ان معناها نفس الظرفية ، وما ذلك إلا لاجل ان المعانى الاسمية بذاتها تغاير المعانى الحرفية.
(والجواب عن ذلك) : ان ما افاده المحقق النائينى ـ قده ـ من تغاير المعنيين الحرفى والاسمى ، واستقلال المعنى الاسمى مفهوما ، وعدم استقلال المعنى الحرفى تصورا ، وان الحرف يوجد الربط بين الامرين ولو لا لاصبح الكلام مهملا مما لا اشكال فيه ، انما الاشكال فيما افاده من ان