فذهب المحقق النائينى ـ قده ـ إلى ان المعانى الاسمية اخطارية ، والمعانى الحرفية ايجادية ، بمعنى ان المفهوم إن أمكن تصوره مستقلا من دون لحاظ شىء معه ـ كان معنى اسميا حيث يخطر المعنى فى الذهن ، وإن لم يكن تصوره مستقلا بل كان لحاظه يتبع لحاظ شىء آخر له فهو معنى حرفى.
بيان ذلك : ان الشىء إذا لوحظ بحسب وجوده الخارجى ـ فتارة ـ يكون وجوده غير محتاج الى شىء يقوم به ، او يعرض عليه. بل يوجد بنفسه مستقلا (كالجوهر) مثل الجسم.
واخرى ـ يفتقر وجوده خارجا الى وجود محل يقوم به ويعرض عليه (كالاعراض) فان البياض والسواد مثلا لا يوجدان خارجا الا بعد أن يوجد جسم فى الخارج ، فكان وجودهما تبعا لوجود شىء آخر.
وهكذا الكلام فى الوجود الذهنى ، فان بعض المفاهيم يستقل فى عالم التصور والادراك والتعقل ، بحيث لا يكون تصورها موقوفا على تصور شىء آخر ، وذلك كالجواهر والاعراض بل الامور الاعتبارية ، والامور العدمية ـ كمفهوم الانسان ، والبياض ، والملكية ، واجتماع الضدين. فهذه مفاهيم تتعقل منفردة من دون ضميمة شىء لها ، فاذا تكلم الشخص بها فقد اخطر معانيها فى الذهن ، واخطرها ، فهذه هى الاسماء.
وبعضها الآخر لا يمكن تعقله فى الذهن إلا بتعقل شىء آخر معه بحيث يدركه العقل بتبع ادراكه لشىء آخر ، وفى ضمن كلام تركيبى ، فهذه هى مفاهيم الحروف. فان (فى) التى هى للظرفية لا تتصور مستقلة إلّا بانضمامها الى كلمتى زيد والدار مثلا. فهى فى عالم المفاهيم كالاعراض فى الوجود الخارجى ، ولهذا كانت كلمة (فى) مثلا موجدة معنى قائما