انشأ الحكم فالحكم الانشائى وان وجد فى مرحلة الجعل وله بقاء واستمرار ما لم ينسخ إلّا ان فعلية الحكم تدور مدار حصول موضوعه فى الخارج بتمام قيوده ، ونتيجة ذلك ان انشاء الحكم المعبر عنه بالجعل بما انه فعل اختيارى فشرائطه لا بد وان توجد فى وعاء النفس ولا دخل للوجود الخارجى فيه اصلا ، واما المجعول الذى هو عبارة عن فعلية الحكم فيتوقف وجوده على وجود موضوعه بتمام قيوده خارجا فالاستطاعة ما لم تتحقق فى الخارج لا يكون وجوب الحج فعليا ، والشروط التى وقعت محلا للاشكال من جهة تاخرها عن الحكم زمانا انما هى عائدة الى الحكم الفعلى ، ففى كلامه (قده) خلط بين شرائط الجعل ، وشرائط المجعول.
ومن هنا ذهب شيخنا الاستاذ (قده) الى استحالة الشرط المتأخر بالاضافة الى الحكم نظرا الى ان نسبة الموضوع الى الحكم كنسبة العلة الى معلولها فالموضوع مع قيوده قد اخذ فى مرحلة الجعل مفروض الوجود ففرض فعلية الحكم قبل وجود موضوعه ، او قبل وجود قيد من قيوده كفرض وجود المعلول قبل وجود علته.
والصحيح : هو جواز الشرط المتاخر للحكم بيان ذلك : ان موضوعات الاحكام ليس لها تأثير بالاضافة الى نفس الحكم ، ولكن الفقهاء اصطلحوا على تسميتها فى الاحكام التكليفية ـ بالشروط ـ وفى الاحكام الوضعية ، ـ بالاسباب ـ فيقولون : ان الاستطاعة شرط لوجوب الحج ، ودخول الوقت شرط لوجوب الصلاة ، وبلوغ النصاب شرط لوجوب الزكاة ، والبيع سبب للملكية ، والموت سبب لانتقال المال الى الوارث ، وملاقاة النجس مع الرطوبة سبب لنجاسة الملاقى ، وهكذا ، ولم يظهر لنا وجه لهذه التسمية والتفرقة ، فان الحكم مطلقا امر مجعول للشارع ، والموجود فى البين