(أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (٢٥) وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى) (٢٦)
الملائكة تشفع فيمن كان على مكارم الأخلاق في الدنيا وإن لم يكن مؤمنا.
(إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى (٢٧) وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) (٢٨)
اعلم أنه من أقام في نفسه معبودا يعبده على الظن لا على القطع خانه ذلك الظن وما أغنى عنه من الله شيئا.
(فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) (٢٩)
وهو قوله تعالى : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) لأن المتولي عن ذكر الله معرض ، وأعطي رسول الله صلىاللهعليهوسلم العلامة ، وهو التولي عن الذكر لا عن الله ، فإن التولي عن الله لا يصح ، ولهذا قال لنبيه : (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) كيف يتولى عمن هو بالمرصاد ، والكل في قبضته وبعينه. فكأنه قال لنبيه صلىاللهعليهوسلم : أظهر له صفته في إعراضك عنه لعله يتنبه ، فإنه يأنف من إعراضك عنه لما هو عليه في نفسه من العزة ، فإن إعراضك عنه إذلال في حقه وعدم مبالاة به ، فإن المعرض بالتولي إذا تبعته زاده اتباعك نفورا وعدم التفات ، فإذا أعرضت عنه ووليته ظهرك كما ولاك ظهره لم يحس بأقدام خلفه ، تهدّى في مشيته وأخذ نفسه ، وارتأى مع نفسه فيما أعرض عنه ، والتفت وما رآك خلفه ، فصار يحقق النظر فيك وأنت ذو نور ، فلابد أن يلوح له من نورك ما يؤديه ويدعوه إلى التثبت في أمرك وفيما جئت به ، فلعله أن يكون من المهتدين ، فهذا الإعراض صنعة في الدعاء إلى الله.
(ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ