فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ) (٢١)
هذا حكم الصدق في النطق فكيف في جميع الأحوال؟
(هَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (٢٢)
ما أمر الله تعالى بصلة الأرحام القريبة إلا ليسعدوا بذلك ، وما من شخص إلا وله رحم يصلها ولو بالسلام ، كما قالوا : بلوا أرحامكم ولو بالسلام ، وأفضل الصلات في الأرحام صلة الأقرب فالأقرب ـ إشارة ـ جاء في الحديث الشريف : [إن الرحم شجنة من الرحمن] فنحن أرحام ، فصحت القرابة ، فنحن من حيث الرحم قرابة قربى ، ومن حيث الرتبة عبيد ، فلا ننتسب إلا إليه ، ولا ننتمي لسواه ، وقد أمر تعالى بصلة الأرحام ، والرحمن لنا رحم نرجع إليه ، فلابد للمطيع أمره أن يصل رحمه ، وليس إلا وصلته بربه ، فإن الله بلا شك قد وصلنا من حيث أنه رحم لنا ، فهو الرزاق ذو القوة المتين ، المنعم على أي حالة كنا ، من طاعة أمره أو معصية وموافقة أو مخالفة ، فإنه لا يقطع صلة الرحم من جانبه وإن انقطعت عنه من جانبنا لجهلنا ، وأفضل الصلات في الأرحام صلة الأقرب فالأقرب ، وقد قال تعالى عن نفسه : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) فالله أقرب إلى العبد من نفسه منه ، فإذا وصله العبد فقد وصل الأقرب بلا شك ، فقد أتى ما هو الأفضل بالوصل في الأقربين ، فإن النص فيه ، قال رجل في مجلس : الله يقول : الأقربون أولى بالمعروف ؛ فقال الشيخ أبو العباس العريبي على الفور : إلى الله ؛ وكذلك هو الأمر في نفسه ، ولا أقرب من الله ، فهو القريب سبحانه الذي لا يبعد إلا بعد تنزيه ، وتنقطع الأرحام بالموت ولا ينقطع الرحم المنسوبة إلى الحق ، فإنه معنا حيث كنا ، ونحن ما بيننا نتصل في وقت وننقطع في وقت ، بموت أو بفقد وارتحال ، وكم من حال أغنى عن سؤال ، ومن جهل نفسه فهو بغيره أجهل ، ومن علم غيره فهو بنفسه أعلم.
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (٢٤)