ـ فائدة ـ
إذا كنت في شيء ولابد قائلا |
|
فقل فيه علما لا تقل فيه بالزعم |
فإن الذي قد قال بالزعم مخطىء |
|
كذا جاء في القرآن إن كنت ذا فهم |
ولا تك ذا فكر إذا كنت طالبا |
|
مشاهدة الأعيان واحذر من الوهم |
وكن مع حكم الله في كل حالة |
|
فقد فاز بالإدراك من قام بالحكم |
(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩)
(ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) فإنه غبن كله ، فهو يوم التغابن ، يريد عذاب النفوس ، فيقول : يا ويلتا على ما فرطت ، فإن العبد كان متمكنا من ذلك فلم يفعل وهو يوم كشف الغطاء ، وتتبين الأمور الواقعة في الدنيا ما أثمرت هنالك ، فيقول الكافر وهو الجاهل (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) لعلمه أنه كان متمكنا من ذلك فلم يفعل ، فعذابه ندمه ، وما غبن فيه نفسه أشد عليه من أسباب العذاب من خارج ، وهذا هو العذاب الأكبر. والتغابن يدرك في ذلك اليوم الكل الطائع والعاصي ، فالطائع يقول : يا ليتني بذلت جهدي ؛ والمخالف يقول : يا ليتني لم أخالف ربي ، فيوم القيامة يوم التغابن للكل ، فالسعيد فاعل الخير يقول : يا ويلتا ليتني زدت ؛ والشقي فاعل الشر يقول : يا حسرتا على ما فرطت يا ليتني فعلت خيرا ؛ وهو يوم التغابن للمعطي والمانع ، فيود المعطي المقبول لو أعطى جميع ما عنده ، ويود المانع لو أعطى ما منع ، ويود المعطي من غير وجهه أنه أعطى من الوجه الذي يليق ويكون معه القبول. ومن التغابن الذي في ذلك اليوم الانتقال الذي بين أهل السعادة وأهل الشقاء ، فإن المؤمن هنا في عبادة ، والعبادة تعطيه الخشوع والذلة ، والكافر في عزة وفرحة ، فإذا كان يوم القيامة يخلع عز الكافر وسروره وفرحه على المؤمن ، ويخلع ذل المؤمن وخشوعه