أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٢) وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ (٤٤) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ) (٤٥)
الخشوع مقام الذلة والصغار ، وهو نعت محمود في الدنيا على قوم محمودين ، وهو نعت محمود في الآخرة على قوم مذمومين شرعا ، وفيهم قال تعالى (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ) ولا يكون الخشوع حيث كان إلا عن تجل إلهي على القلوب ، في المؤمن عن تعظيم وإجلال ، وفي الكافر عن قهر وخوف وبطش ، قال عليهالسلام : [إن الله إذا تجلى لشيء خشع له] (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ) إلى إله قاهر عليّ ، فإن هذا النظر حال الذليل لا يقدر يرفع رأسه من القهر ، وذلك الخشوع من الكافر يوم القيامة والذلة والنظر المنكسر الذي لا يرفع بسببه رأسه إنما هو لله تعالى ، خوفا منه ، فلو راقبوه في دنياهم أمنوه في أخراهم ، وهذا كان حال المؤمن في الدنيا ، فمن لم يتضع هنا اتضع هناك ، ومن لم يخشع هنا خشع من الذل هناك ، فلتبشر الخاشعين في هياكل الظلم بالسرور في هياكل النور ، ولما كان هذا حال المؤمن في الدنيا لخوفه من الله تمم (وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ).
(وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ (٤٦) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم