الناقور هو الصور ، وهو الحضرة البرزخية التي ننتقل إليها بعد الموت ونشهد نفوسنا فيها ، وينقر في الناقور ، وينفخ في الصور ، وهو هو بعينه ، واختلفت عليه الأسماء لاختلاف الأحوال والصفات.
(فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا (١٢) وَبَنِينَ شُهُودًا (١٣) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) (١٨)
اعلم أن جميع الحواس لا تخطىء أبدا ، فإن إدراك الحواس الأشياء إدراك ذاتي ، ولا تؤثر العلل الظاهرة العارضة في الذاتيات ، وإدراك العقل على قسمين : إدراك ذاتي فهو فيه كالحواس لا يخطىء ، وإدراك غير ذاتي ، وهو ما يدركه بالآلة التي هي الفكر وبالآلة التي هي الحس ، فالخيال يقلد الحس فيما يعطيه ، والفكر ينظر في الخيال فيجد الأمور مفردات ، فيحب أن ينشىء منها صورة يحفظها العقل ، فينسب بعض المفردات إلى بعض ، فقد يخطىء في النسبة الأمر على ما هو عليه وقد يصيب ، فحكم العقل على ذلك الحد يخطىء ويصيب ، فالفكر يصيب العاقل به ويخطىء ، ولكن خطأه أكثر من إصابته ، لأن له حدا يقف عنده ، فمتى وقف عند حده أصاب ولابد ، ومتى جاوز حده إلى ما هو لحكم قوة أخرى قد يصيب ويخطىء.
(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ) (٢٣)
إخبار بعجز من أراد معارضة القرآن ، وإقراره بأن الأمر عظيم ، فإن النظر الفكري ينقسم إلى صحيح وإلى فاسد ، فلا يتعدّى بالفكر محله.