النَّارِ (٣) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤) مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) (٥)
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ) الإذن الأمر الإلهي ، أمر بعض الشجر أن تقوم فقامت ، وأمر بعض الشجر أن تنقطع فانقطعت بإذن الله لا بقطعهم ، وبإذن الله قامت لا بتركهم ، مع كونهم موصوفين بالقطع والترك ، فإنه لا يناقض إذن الله ، فإن إذن الله لها في هذه الصورة كالاستعداد في الشيء ، فالشجرة مستعدة للقطع فقبلته من القاطع (فَبِإِذْنِ اللهِ) يعني للشجرة ، ولهذا قال : (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) الخارجين عن معرفة هذا الإذن الإلهي الذي قطع هذه الشجرة وترك الأخرى.
(وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (٧)
(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) إن الرسول صلىاللهعليهوسلم ما بعثه الله ليمكر بنا ـ أعني بأمته ـ وإنما بعثه ليبين لهم ما نزل إليهم ، فلهذا أطلق لنا الأخذ عن الرسول والوقوف عند قوله من غير تقييد ، فإنا آمنون فيه من مكر الله ، فإن لله مكرا في عباده لا يشعر به ، قال تعالى : (وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) وقال : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) وقال : (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) وقال : (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ولم يجعل للرسل في هذه الصفة قدما ، لأنهم بعثوا مبينين فبشروا وأنذروا ، وأعطى الرسول صلىاللهعليهوسلم الميزان الموضوع ، فمن أراد السلامة من مكر الله فلا يزل الميزان المشروع من يده ، الذي