وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ (١٢) وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (١٣) أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (١٤) عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) وهو الهدى.
(مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ) (١٥)
(فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) يقال أسن الماء وأجن إذا تغير ، وهو الماء المخزون في الصهاريج ، وكل ماء مخزون يتغير بطول المكث ، وهذا وصف الطهارة (وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) بعقده أو مخضه أو ترييبه (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) تعطي الطرب والالتذاذ ، فإن الخمر ليست الدار الدنيا بمحل لإباحته في شرع محمد صلىاللهعليهوسلم الذي مات عليه ، وخص الخمر بالجنة دون الدنيا وقرن به اللذة للشاربين ، ولم يقل ذلك في غيره من المشروبات ، وذلك لأنه ما في المشروبات ما يعطي الطرب والسرور التام والابتهاج إلا شرب الخمر ، فيلتذ به شاربه وتسري اللذة في أعضائه ، وتحكم على قواه الظاهرة والباطنة ، وما في المشروبات من له سلطان وتحكم على العقل سوى الخمر ، لذلك حرمت في الدنيا لعظم شأنها وقوة سلطانها ، وهي لذة للشاربين حيث كانت ، ولهذا عزت وما هانت ، في الدنيا محرمة وفي الآخرة مكرمة ، هي ألذ أنهار الجنان ، ولها مقام الإحسان ، وعطاؤها أجزل العطا (وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) واعلم أن الشرب يختلف باختلاف المشروب فإن كان الشرب