بالتقليد في التوحيد ، لأن الأمر لا يتعلق بمن يعطيه الدليل ذلك ، إلا أن يكون متعلق الأمر الاستدلال ، لا التعريف على طريق التسليم ، أو الاستدلال بالتنبيه على موضع الدلالة ، مثل قوله : (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) وكقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) لذلك نقول : إن العلم بالله له طريقان : طريق يستقل العقل بإدراكه قبل ثبوت الشرع ، وهو يتعلق بأحديته في ألوهته ، وأنه لا شريك له ، وما يجب أن يكون عليه الإله الواجب الوجود ، وليس له تعرض إلى العلم بذاته تعالى ، ومن تعرض بعقله إلى معرفة ذات الله فقد تعرض لأمر يعجز عنه ، ويسيء الأدب فيه ، وعرّض نفسه لخطر عظيم ، وهذا الطريق هو الذي قال فيه الخليل إبراهيم عليهالسلام لقومه (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ؟) فنبههم على أن العلم بالله من كونه إلها واحدا في ألوهته من مدركات العقول ، فما أحالهم إلا على أمر يصح منه أن ينظر ، فيعلم بنظره ما هو الأمر عليه ، والطريق الآخر طريق الشرع بعد ثبوته ، فأتى بما أتى به العقل من جهة دليله ، وهو إثبات أحدية خالقه وما يجب له عزوجل ، والمسلك الآخر من العلم بالله العلم بما هو عليه في ذاته ، فوصفه بعد أن حكم العقل بدليله بعصمته فيما ينقله عن ربه من الخبر عنه سبحانه مع (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وأن لا يضرب له مثل ، بل هو الذي يضرب الأمثال ، لأنه يعلم ونحن لا نعلم ، فنسب إليه تعالى أمورا لا يتمكن للعقل من حيث دليله أن ينسبها إليه ، ولا يتمكن له ردها على من قام الدليل العقلي عنده على عصمته ، فأورثه ذلك حيرة ، فمن العقلاء من تأول تأويل تنزيه وتأييد ، وعضد تأويله ب (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) و (ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ومن العقلاء من سلم علم ذلك إلى من جاء به أو إلى الله ، ومن العقلاء من أهل اللسان من شبّه ، وعذر الله كل طائفة ، وما طلب من عباده في حقه إلا أن يعلموا أنه إله واحد ، لا شريك له في ألوهته لا غير ، وأن له الأسماء الحسنى بما هي عليه من المعاني في اللسان ، وقرن النجاة والسعادة بمن وقف عندما جاء من عنده عزوجل في كتبه وعلى ألسنة رسله عليهمالسلام ، ولا شك أن لله عبادا عملوا على إيمانهم ، وصدقوا الله في أحوالهم ، ففتح الله أعين بصائرهم وتجلى لهم في سرائرهم ، فعرفوه على الشهود ، وكانوا في معرفتهم تلك على بصيرة وبينة بشاهد منهم ، فعليك بعبادة الله التي جاء بها الشرع وورد بها السمع ، ولا تكفر بما أعطاك دليلك المؤدي إلى تصديقه ، ومن أراد أن يعرف لباب التوحيد فلينظر في الآيات الواردة في التوحيد في