ـ مثلا ـ ومتعلق
الثاني : التعطير ، معلقا على عصيان الامر الاول ، وانما لم يأمر المولى بهما معا
بأن يكون الامران عرضيين مع قابلية المحل وقدرة المكلف على الجمع ـ بمقتضى كونها
خلافين ـ لمفسدة في الامر بالجمع أو نحو ذلك ، وانما لم يكن الامر ان تخييريين
لكون الاول أهم.
ومنشأ هذا التعميم
استلزام الامر كذلك لطلب الجمع ـ لعدم سقوط الامر بالاهم بعصيانه ما لم يفت
الموضوع ـ وقد فرضنا المحذور فيه ، هذا على مبنى الامتناع ، فتأمل.
وعليه : ينبغي أخذ
(الغيرية) ـ التي هي مقسم للتماثل والتخالف والتقابل ـ في عنوان البحث لا تخصيصه
بالتضاد ـ الذي هو أحد أنواع التقابل ـ ولعل التخصيص ب (التضاد) في كلمات
الاصوليين لمكان كونه محل الحاجة ، وتعدد أمثلته في الاوامر الشرعية ـ على ما
سيأتي إن شاء الله تعالى ـ.
وهل يختص الامر في
العنوان بالشرعي؟ أم يعم العقلي أيضا؟
قد يقال :
بالاختصاص ، بناء على انكار وجود الاحكام العقلية أصلا ، فالعقل يرى الحسن والقبيح
، وليست له باعثية نحو الحسن ، ولا زاجرية عن القبيح.
وفيه : ان باعثية
العقل وزاجريته من «الوجدانيات» ـ وهي من أقسام اليقينيات ، كما ذكر في بحث «الصناعات
الخمس» ـ والانسان يحس من وجدانه الفرق بين «الرؤية المجردة للعقل» ـ كادراكه بأن
الواحد نصف الاثنين ، أو قبح المنظر المشوه ـ وبين «الرؤية المصحوبة بالتحريك» كما
في البعث نحو العدل والزجر عن الظلم.
وتؤيده بعض
الظواهر كقوله تعالى (وَنَهَى النَّفْسَ
عَنِ الْهَوى) وقوله سبحانه (أَمْ تَأْمُرُهُمْ
أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ).
لا يقال : الادراك
سنخ مغاير للبعث والزجر ، إذ يشبه ان يكون من قبيل الانفعال