في (المنتهى) ـ أي ما يرتبط بمرحلة امتثال المكلف للحكم وجريه العملي على مقتضاه ـ وأما التضاد الحاصل في (المبدأ) ـ أي مبدأ الحكم من الارادة ومقدماتها ـ فهو تضاد بالتبع على ما سيأتي ان شاء الله تعالى.
ثم لا يخفى ان المراد من التضاد هنا لا ينحصر في (الحقيقي منه) ، وهو ما كان بين الذاتين المتضادتين غاية البعد والخلاف ، كما في طرفي الافراط والتفريط من الصفات ، مثل الجبن والتهور ، بل يعم التضاد المشهوري أيضا ، وهو ما يشمل غير ما كان كذلك كعمومه له ، كالتضاد بين الجبن والشجاعة.
وما ذكر من التعميم انما هو لعموم الملاك ، فما يساق من الادلة لاثبات امكان الترتب أو امتناعه يشمل التضاد مطلقا ، حقيقيا كان أو مشهوريا.
نعم يستثنى من ذلك : التضاد بين الضدين اللذين لا ثالث لهما ، وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى.
ثم : ان تخصيص (الضدين) بالذكر ـ من بين اقسام التقابل الاربعة ـ انما هو لعدم امكان جريان الترتب في البواقي ، أما (النقيضان) فلان عصيان احدهما مساوق لتحقق الآخر ، لاستحالة ارتفاع النقيضين ، فيكون طلبه طلبا للحاصل ، وأما (العدم والملكة) فلرجوعهما الى (النقيضين) لكن مع لحاظ المحل القابل ، سواء لوحظ المحل القابل مقيدا بالوقت والشخص وهو (المشهوري) أو مطلقا وهو (الحقيقي) ، وأما (المتضايفان) فلوجوب وجود كل واحد منهما بالقياس الى وجود الآخر ، وامتناعه بالقياس الى عدمه ، فلا يعقل اناطة وجوب ايجاد احدهما بعصيان ايجاد الآخر لانه يؤول الى ايجاب ايجاد الشيء في ظرف عدمه وهو تهافت.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال بعدم اختصاص الجريان بالضدين ، اذ يمكن جريانه ـ ولو بملاكه ـ في الخلافين أيضا ، بأن يكون متعلق الامر الاول : التطهير