لم يُجبر على الإنفاق عليه ، كما لو انفرد به ، بخلاف الحيوان ذي الحرمة ، فإنّه يجب عليه الإنفاق عليه ؛ لحرمته ، وتعلّق غرض الشارع بالانتفاع به ، ولأنّه ملكه ، فلا يُجبر على عمارته ، كما لا يُجبر على زراعة الأرض المشتركة ، ولأنّه بناء حائطٍ ، فلا يُجبر عليه ، كالابتداء ، ولأنّه لو أُجبر على البناء فإمّا لحقّ نفسه ، وهو باطل بما لو انفرد به ، أو لحقّ غيره ، ولا يجوز أن يُجبر الإنسان على عمارة ملك الغير ، كما لو انفرد به الغير.
والقول القديم للشافعي : إنّهما يُجبران على عمارته ، ويُجبر الممتنع عليها ـ وهو الرواية الأُخرى عن مالك وعن أحمد ـ دفعاً للضرر عن الشركاء ، وصيانةً للأملاك المشتركة عن التعطيل ، وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا إضرار » (١) وفي ترك بنائه إضرار ، فأُجبر الممتنع عليه ، كما يُجبر على القسمة بينهما لو طلب أحدهما ، والملك وإن لم يكن له حرمة يلزمه بسببها الإنفاق عليه فإنّ شريكه له حرمة (٢).
ولا نسلّم أنّ في ترك بنائه ضرراً ؛ فإنّ الضرر إنّما حصل بانهدامه ، وإنّما ترك البناء ترك لما يحصل النفع به ، وفي ترك بنائه إضرار به ، ولا يُزال الضرر بالضرر.
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٤٥ / ١٥٤ ، سنن الدارقطني ٤ : ٢٢٨ / ٨٤ و ٨٥ ، مسند أحمد ١ : ٥١٥ / ٢٨٦٢.
(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٠٠ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٤٣ ، الوسيط ٤ : ٥٨ ، حلية العلماء ٥ : ١٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ١٥٦ ، البيان ٦ : ٢٤٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ١ : ٣١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥٠ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٥٩٨ / ١٠٠٧ ، التفريع ٢ : ٢٩٣ ، عيون المجالس ٤ : ١٦٥٥ / ١١٦٨ ، المعونة ٢ : ١٢٠١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٩٣ ، المغني ٥ : ٤٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٣.