مسألة ١٣٥ : تجوز الإعارة للإرهان ؛ لأنّها منفعة مباحة مطلوبة للعقلاء ، فوجب تسويغها توسعةً على المحاويج بالمباح.
قال ابن المنذر : أجمعوا على أنّ الرجل إذا استعار من الرجل شيئاً ليرهنه عند الرجل على شيءٍ معلومٍ إلى وقتٍ معلومٍ فرهن ذلك على ما أذن له فيه أنّ ذلك جائز ؛ لأنّه استعاره ليقضي به حاجته ، فصحّ كغيره من العواري (١).
ولا يعتبر العلم بقدر الدَّيْن وجنسه ؛ لأنّ العارية لا يعتبر فيها العلم ، وبه قال أبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي ؛ لأنّها عامّة لجنسٍ من النفع ، فلم يعتبر معرفة قدره ، كعارية الأرض للزرع (٢).
وقال الشافعي : يعتبر ذلك ؛ لاختلاف الضرر به (٣).
وهو ممنوع ؛ فإنّ الزرع كذلك.
إذا ثبت هذا ، فإنّ المُعير لا يصير ضامناً للدَّيْن ـ وبه قال أحمد والشافعي في أحد القولين (٤) ـ لأنّه [ أعاره ] ليقضي [ منها ] (٥) حاجته ، فلم يكن ضامناً كسائر العواري.
وقال في الآخَر : إنّه يصير ضامناً له في رقبة عبده ؛ لأنّ العارية ما يستحقّ به منفعة العين ، والمنفعة هنا للمالك ، فدلّ على أنّه ضامن به (٦).
إذا عرفت هذا ، فإنّ المُعير إذا عيّن قدر الدَّيْن الذي يرهنه به وجنسه ، أو عيّن محلاًّ ، تعيّن ؛ لأنّ العارية تتعيّن بالتعيين ، فإن خالفه في
__________________
(١) المغني ٥ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣.
(٢ و ٣) المغني ٥ : ٣٦٣.
(٤ و ٦) المغني ٥ : ٣٦٣ ، حلية العلماء ٥ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٩٣.
(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لأنّه استعاره ليقضي منه ». والظاهر ما أثبتناه.