وفي الذي أُصيب في حديقته فمرّ به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو ملزوم ، فأشار إلى غرمائه بالنصف ، فأخذوا منه (١).
وهذا يدلّ على تسويغه مع الرضا الباطن.
ولو قال : على أن توفيني ما بقي ، صحّ أيضاً عندنا.
ومَنَعه الحنابلة ؛ لأنّه ما أبرأه عن بعض الحقّ إلاّ ليوفيه بقيّته ، فكأنّه عاوض بعض حقّه ببعضٍ (٢). وهو ممنوع.
ولو كان له في يد غيره عيناً ، فقال : قد وهبتك نصفها فأعطني نصفها ، صحّ ، واعتُبر في ذلك شروط الهبة.
ولو أخرجه مخرج الشرط ، صحّ عندنا.
خلافاً للشافعي وأحمد ؛ لأنّه إذا شرط الهبة في الوفاء ، جَعَل الهبة عوضاً عن الوفاء ، فكأنّه عاوض بعض حقّه ببعضٍ (٣).
وهذا ليس بشيءٍ.
ولو قال : صالحني بنصف دَيْنك علَيَّ أو بنصف دارك هذه ، فيقول : صالحتك بذلك ، صحّ عندنا ، وهو قول أكثر الشافعيّة (٤) ـ ومَنَع منه بعض الشافعيّة والحنابلة (٥) ـ لأنّه إذا لم يجز بلفظ الصلح خرج عن أن يكون صلحاً ، ولا يبقى له تعلّقٌ به ، فلا يُسمّى صلحاً ، وأمّا إذا كان بلفظ الصلح سُمّي صلحاً ؛ لوجود اللفظ و [ إن تخلّف ] (٦) المعنى ، كالهبة بشرط الثواب ، وإنّما يقتضي لفظ الصلح المعاوضةَ إذا كان هناك عوضٌ ، أمّا مع عدمه فلا ، وإنّما معنى الصلح الرضا والاتّفاق ، وقد يحصل من غير عوضٍ ، كالتمليك
__________________
(١ و ٢) المغني ٥ : ١٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٤.
(٣ ـ ٥) المغني ٥ : ١٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٤
(٦) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لم يختلف ». والمثبت هو الصحيح.