الفصل الثالث : في موجبات الضمان
اعلم أنّ الوديعة تستتبع أمرين : الضمان عند التلف ، والردّ عند البقاء ، لكنّ الضمان لا يجب على الإطلاق ، بل إنّما يجب عند وجود أحد أسبابه ، وينظمها شيء واحد هو : التقصير ، ولو انتفى التقصير فلا ضمان ؛ لأنّ الأصل في الوديعة أنّها أمانة محضة لا تُضمن بدون التعدّي أو التفريط ؛ لما رواه العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « ليس على المستودع ضمان » (١).
وقال عليهالسلام : « مَنْ أُودع وديعة فلا ضمان عليه » (٢)
ومن طريق الخاصّة : ما رواه إسحاق بن عمّار أنّه سأل الكاظمَ عليهالسلام عن رجلٍ استودع رجلاً ألف درهم فضاعت ، فقال الرجل : كانت عندي وديعة ، وقال الآخَر : إنّما كانت عليك قرضاً ، قال : « المال لازم له إلاّ أن يقيم البيّنة أنّها كانت وديعة » (٣) والاستثناء يقتضي التناقض بين المستثنى والمستثنى منه ، ولمّا حكم في الأوّل بالضمان ثبت في الاستثناء عدمه.
وعن زرارة ـ في الحسن ـ أنّه سأل الصادقَ عليهالسلام عن وديعة الذهب والفضّة ، قال : فقال : « كلّما كان من وديعةٍ ولم تكن مضمونةً فلا تلزم » (٤).
وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق عليهالسلام قال : « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان » (٥).
__________________
(١) سنن البيهقي ٦ : ٩١ ، سنن الدارقطني ٣ : ٤١ / ١٦٨ ، المغني ٧ : ٢٨١.
(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٠٢ / ٢٤٠١.
(٣) الكافي ٥ : ٢٣٩ / ٨ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٨٨.
(٤) الكافي ٥ : ٢٣٩ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٨٩.
(٥) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٩٠.