المُستعير استباح المنافع بالإذن ، فإذا رجع عن الإذن لم يجز له فعله ؛ لأنّه تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، فكان غصباً ، ولأنّ المنافع المستقبلة لم تحصل في يد المُستعير فلا يملكها بالإعارة ، كما لو لم تحصل العين في يده.
وقال مالك : إذا كانت العارية موقّتةً لم يكن للمُعير الرجوع فيها ، وإن لم يكن موقّتةً لزمه تركه مدّة ينتفع [ بها ] (١) في مثلها ؛ لأنّ المُعير قد ملّكه المنفعة مدّةً معلومة ، وصارت العين في يده بعقدٍ مباح ، فلم يكن له الرجوع فيها بغير اختيار المالك ، كالعبد الموصى بخدمته (٢).
والفرق : إنّ العبد الموصى بخدمته ليس للورثة الرجوع فيه ؛ لأنّ المتبرّع غيرهم ، وأمّا الموصي المتبرّع فله أن يرجع متى شاء.
مسألة ١٠٢ : إذا أعاره أرضاً للبناء أو الغراس (٣) أو الزرع ، أو أطلق له الانتفاع ، كان للمُستعير الانتفاع فيما أذن له فيه ما لم يمنعه.
فإن قدّر له المدّة ، كان له أن يبني ويغرس وينتفع بهما حسبما أذن ما لم يرجع عن إذنه أو تنقضي المدّة ، فإن رجع عن إذنه قبل انقضاء المدّة أو لم يرجع ولكن انقضت المدّة المأذون فيها ، لم يكن له استحداث شيءٍ
__________________
حلية العلماء ٥ : ١٩٤ ، البيان ٦ : ٤٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٨٣ ، المغني ٥ : ٣٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٥٧ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٢٣ / ١٠٦٢.
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « به ». والظاهر ما أثبتناه.
(٢) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٢٣ / ١٠٦٢ ، بداية المجتهد ٢ : ٣١٣ ، الإشراف على مذاهب أهل العلم ١ : ٢٧٤ / ٤٤٦. بحر المذهب ٩ : ٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٩٥ ، البيان ٦ : ٤٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٨٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ١٨٨ / ١٨٧٧ ، المغني ٥ : ٣٦٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٣٥٧.
(٣) في الطبعة الحجريّة : « الغرس ».