ولو قال : تلفت في يدي قبل التمكّن ، احتُمل تقديمُ قوله ؛ لأنّه أمين ، وجرى مجرى الثوب تطيّره الريح إلى داره ، وتقديمُ قول المالك ؛ لقوله عليهالسلام : « على اليد ما أخذت حتى تؤدّي » (١).
ولو قال مَنْ طيَّر الريحُ الثوبَ إلى داره : رددت على المالك ، أو قال الملتقط : رددت على المالك ، لم يُصدَّقا إلاّ بالبيّنة.
مسألة ٦٨ : لو كان في يد رجلٍ مالٌ ، فادّعى رجلان الإيداع ، فقال كلّ واحدٍ منهما : إنّ هذا المال لي وديعة عندك ، فإن كذّبهما معاً فالقول قوله مع اليمين ، فيحلف لكلّ واحدٍ منهما ، وتسقط دعواهما ، ويحلف لكلّ واحدٍ منهما أنّها له وملكه ، أو أنّه لا يلزمه تسليمه إليه.
ولو أقرّ به لأحدهما بعينه ، حُكم بها للمُقرّ له ، ودفع إليه ، ويحلف للآخَر ، فإذا حلف سقطت دعوى الآخَر ، وإن نكل حلف الآخَر ، وكان له إلزامه بالمثل إن كان مثليّاً ، وإلاّ فالقيمة وقت الحلف أو الإقرار؟ إشكال.
وللشافعيّة في إحلاف الآخَر قولان مبنيّان على أنّ مَنْ أقرّ بعينٍ في يده لزيدٍ ثمّ أقرّ بها لعمرو هل يغرم لعمرو أو لا؟ فإن قلنا : يغرم ، حلف ، وإن قلنا : لا يغرم ، فلا وجه لإحلافه ؛ لعدم الفائدة (٢).
وعلى القول بالإحلاف للآخَر للشافعيّة قولان في يمين المدّعي مع نكول المدّعى عليه.
أحدهما : إنّ ذلك يجري مجرى البيّنة.
والثاني : إنّه يجري مجرى الإقرار.
فخرّج أبو العباس ابن سريج من الشافعيّة في هذا الموضع ثلاثةَ أوجُه :
__________________
(١) تقدّم تخريجه في الهامش (١) من ص ١٦١.
(٢) البيان ٦ : ٤٤٧ ـ ٤٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٢١ ، روضة الطالبين ٥ : ٣١٠.