وقال بعضهم : إن كان المودِع قد قال : أودعتُك ، وشبهه ممّا هو على صيغ العقود ، وجب القبول لفظاً ، وإن قال : احفظه ، أو : هو وديعة عندك ، لم يفتقر إلى لفظٍ يدلّ على القبول ، كما تقدّم في الوكالة (١).
مسألة ٤ : لا بدّ من التنجيز ، فلو قال : إذا جاء رأس الشهر فقد أودعتك مالي معه (٢) ، لم يصح الإيداع ـ وهو قول بعض الشافعيّة (٣) ـ لأصالة العدم.
وقال بعضهم : يصحّ (٤).
وقال آخَرون منهم : القياس تخريجه على الخلاف في تعليق الوكالة (٥).
وقيل : الإيداع عبارة عن الاستنابة في الحفظ ، وهو توكيلٌ خاصٌّ ، و [ الوكيل والموكّل ] يُسمَّيان في هذا التوكيل المُودِع والمُودَع (٦).
ولو جاء بماله ووضعه بين يدي غيره ولم يتلفّظ بشيءٍ لم يحصل الإيداع ، فإن قبضه الموضوع عنده ضمنه.
وكذا لو كان قد قال من قبلُ : إنّي أُريد أن أُودعك ، ثمّ جاء بالمال.
ولو قال : هذه وديعتي عندك فاحفظه ، ووضعه بين يديه ، فإن أخذه الموضوع عنده تمّت الوديعة ؛ لأنّا لا نعتبر القبول اللفظي ، وإن لم يأخذه فإن لم يتلفّظ بشيءٍ لم يكن وديعةً ، حتى لو ذهب وتركه فلا ضمان عليه ، لكن يأثم إن كان ذهابه بعد ما غاب المالك.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.
(٢) في النسخ الخطّيّة : « بعدُ » بدل « معه ».
(٣) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.
(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٨٦.
(٦) العزيز شرح الوجيز ٧ : ٢٨٨ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.