البحث السادس : في التضييع.
مسألة ٥٠ : من الأسباب المقتضية للتقصير التضييعُ ، فإنّ المستودع مأمور بحفظ الوديعة في حرز مثلها بالتحرّز عن أسباب التلف ، فلو أخّر إحرازها مع الإمكان ضمن.
ولو جعلها في مضيعةٍ أو في غير حرز مثلها ، فكذلك.
ولو جعلها في حرزٍ أكبر من حرز مثلها ثمّ نقلها إلى حرز مثلها ، لم يضمن ؛ لأنّ الواجب هو الثاني ، والأوّل تبرّعٌ منه.
ولا فرق بين أن يكون التضييع بالنسيان أو غيره ، فلو استودع فضيّع الوديعة بالنسيان ضمن ؛ لأنّه فرّط في حفظها ، ولأنّ التضييع سبب التقصير ، فيستوي فيه الناسي وغيره ، كالإتلاف ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.
والثاني : إنّه لا يضمن ؛ لأنّ الناسي غير متعدٍّ ، والمستودع إنّما يضمن بالتعدّي (١).
والصغرى ممنوعة ، وحكم الخطأ حكم النسيان ، فلو استودع آنيةً فكسرها مخطئاً ضمن ، ولأنّ الناسي مفرّط ، ولهذا لو نسي الماء في رَحْله فتيمّم فصلّى ثمّ ذكر ، وجب عليه القضاء ، ولأنّه لو انتفع بالوديعة ثمّ ادّعى الغلط وقال : ظننته ملكي ، لم يُصدَّق ، مع أنّ هذا الاحتمال قريب ، فعُلم أنّ الغلط غير دافعٍ للضمان.
مسألة ٥١ : لو سعى المستودع بالوديعة إلى مَنْ يصادر المالك ويأخذ أمواله ، كان ضامناً ؛ لأنّه فرّط في الحفظ ، بخلاف ما لو كانت السعاية من غير المستودع ، فإنّه لا يضمن ؛ لأنّه لم يلتزم بالحفظ.
__________________
(١) الوسيط ٤ : ٥١١ ، الوجيز ١ : ٢٨٦ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣١٣ ، روضة الطالبين ٥ : ٣٠٣.