والثاني لهم : الأوّل ، وهو أنّ الاستحقاق في جميعها لجميعهم ؛ لأنّهم ربما احتاجوا إلى التردّد والارتفاق بجميع الصحن لطرح الأثقال ووضع الأحمال عند الإخراج والإدخال (١).
وتظهر الفائدة ـ على أصحّ قولَي الشافعي ـ في منع إشراع الجناح إلاّ برضاهم ، فعلى القول باشتراك الكلّ في الكلّ يجوز لكلّ واحدٍ من أهل السكّة المنع ، وعلى الثاني إنّما يجوز المنع لمَنْ موضعُ الجناح بين بابه ورأس السكّة ، دون مَنْ بابه بين موضع الجناح ورأس السكّة (٢).
إذا تقرّر هذا ، فعلى المشهور عندنا : إنّ الأدخل ينفرد بما بين البابين ، ويتشاركان في الطرفين ، ولكلٍّ منهما الخروج ببابه مع سدّ الأوّل وعدمه ، فإن سدّه فله العود إليه مع الثاني ، وليس لأحدهما الدخول ببابه.
ويحتمله ؛ لأنّه قد كان له ذلك في ابتداء الوضع فيستصحب ، وله رفع جميع الحائط فالباب أولى.
مسألة ١٠٥٩ : قد بيّنّا أنّ الدرب المقطوع لأربابه المحصورين ، دون الشوارع المسلوكة ، فلهُم التصرّف فيه كيف شاءوا ؛ لأنّ للإنسان التصرّفَ في ملكه بسائر أنواع التصرّفات ، ولهُم سدّ باب السكّة ، وهو قول أكثر الشافعيّة (٣).
ومَنَع بعضهم من ذلك ؛ لأنّ أهل الشارع يفزعون إليها إذا عرض لهم سبب من زحمةٍ وشبهها (٤).
ولو امتنع بعضهم من سدّها ، لم يكن للباقين سدّها إجماعاً. ولو اتّفقوا على السدّ ، لم ينفرد بعضهم بالفتح. ولو اتّفقوا على قسمة صحن
__________________
(١ ـ ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٤٢.