الصلح عن إشراع الأجنحة والساباطات والرواشن ، فإنّهم خالفوا فيه ، وعلّلوا بأنّه بَذْل مالٍ في مقابلة الهواء المجرّد (١).
قال بعضهم : إن قدّروا مدّةً معيّنة ، كان الصلح إجارةً. وإن أطلقوا أو شرطوا التأبيد ، فهو بيع جزءٍ مشاع من السكّة ، وتنزيلٌ له منزلة أحدهم ، وكان ذلك بمنزلة ما لو صالح غيره عن إجراء نهرٍ في أرضه على مالٍ ، فإنّه يكون ذلك تمليكاً للنهر (٢).
ولو أراد فتح بابٍ من داره في دار غيره ، فصالحه عنه مالك الدار على مالٍ صحّ ، ويكون ذلك كالصلح عن إجراء الماء على السطح ، ولا يملك شيئاً من الدار والسطح ؛ لأنّ السكّة لا تراد إلاّ للاستطراق ، فإثبات الاستطراق فيها يكون نقلاً للملك ، والدار والسطح ليس القصد منهما الاستطراق وإجراء الماء.
مسألة ١٠٦٣ : يجوز فتح الأبواب ونصب الميازيب في الشوارع النافذة ؛ لأنّ الناس بأسرهم اتّفقوا على وضع الميازيب ونصبها على سطوحهم قديماً وحديثاً من غير إنكار أحدٍ منهم ، فكان إجماعاً.
هذا إذا لم يتضرّر بوضعها أحدٌ ، فإن تضرّر أحد بوضع ميزابٍ في الدرب المسلوك وجب قلعه.
وأمّا الطرق الخاصّة الغير النافذة فليس لأحدٍ من أربابها (٣) وضع ميزابٍ يقذف فيها إلاّ بإذن كلّ مَنْ له حقٌّ فيها.
وليس للمتقدّم بابه في رأس الدرب المسدود منعُ المتأخّر بابه إلى صدر الدرب من وضع ميزابٍ إذا لم نقل بشركته أو لم يصل ضرره إليه.
__________________
(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٠٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٤٤.
(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أربابه ». والمثبت يقتضيه السياق.