وإذا طالَب المالك بغرامة المنافع ، فإن طالَب المُستعير غُرْمها ، فالمنفعة التي تلفت تحت يده قرار ضمانها على المُعير ؛ لأنّ يد المُستعير الجاهل في المنافع ليست يدَ ضمانٍ ، والتي استوفاها بنفسه الأقوى : إنّ الضمان يستقرّ عليه ؛ لأنّه مباشر للإتلاف ، وهو أظهر قولَي الشافعي.
والثاني : إنّ الضمان على المُعير ؛ لأنّه غرّه (١).
والمُستعير من المستأجر من الغاصب حكمه حكم المُستعير من الغاصب إن قلنا بأنّ المُستعير من المستأجر ضامن ، وإلاّ فيرجع بالقيمة التي غرمها على المستأجر ، ويرجع المستأجر على الغاصب.
مسألة ١٢٢ : لو أنفذ وكيله إلى موضعٍ وسلّم إليه دابّةً ليركبها إليه في شغله فتلفت الدابّة في يد الوكيل من غير تعدٍّ ، لم يكن عليه ضمان ، وهو ظاهرٌ عندنا ؛ فإنّا لا نوجب الضمان على المُستعير.
وأمّا الشافعي القائل بالضمان فإنّه نفاه هنا أيضاً ؛ لأنّ الوكيل لم يأخذ الدابّة لغرض نفسه ، بل لنفع الموكّل ، فالمُستعير في الحقيقة المالك (٢).
وكذا لو سلّم الدابّة إلى الرائض ليروضها (٣) فتلفت ، لم يضمن ؛ لأنّه في مصلحة المالك.
وكذا لو كان له عليها متاع فأركب إنساناً غيره فوق ذلك المتاع ليحفظه ويحترز عليه ، فتلفت الدابّة ، لم يكن على الراكب ضمان ؛ لأنّه في شغل المالك.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.
(٢) الوسيط ٣ : ٣٧١ ، الوجيز ١ : ٢٠٤ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٢٨٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٧٩.
(٣) راض الدابّة يروضها : وطّأها وذلّلها أو علّمها السير. لسان العرب ٧ : ١٦٤ « روض ».