بل يردّها على مالكها إن عرفه بعينه ، فإن كان قد مات ردّها على ورثته ، ولو لم يعرف مالكها أبقاها في يده أمانةً إلى أن يظهر المالك ، فإن لم يمكن معرفته كان بمنزلة اللقطة يُعرّفها سنةً ، فإن تعذّر المالك تصدّق بها عنه ، وكان عليه ضمانها ، وإن شاء حفظها لمالكها ؛ لما رواه حفص بن غياث عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألته عن رجلٍ من المسلمين أودعه رجلٌ من اللّصوص دراهم أو متاعاً واللّصّ مسلمٌ هل يردّ عليه؟ قال : « لا يردّه ، فإن أمكنه أن يردّه على صاحبه فَعَل ، وإلاّ كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيُعرّفها حولاً ، فإن أصاب صاحبها ردّها عليه ، وإلاّ تصدّق بها ، فإن جاء بعد ذلك خيّره بين الأجر والغرم ، فإن اختار الأجر فله ، وإن اختار الغرم غرم له ، وكان الأجر له » (١).
إذا عرفت هذا ، فإن كان الظالم قد مزج الوديعة بماله مزجاً لا يتميّز ، لم يجز للمستودع حبسها ، ووجب عليه ردّ الجميع إليه.
ويحتمل عندي ردّ قدر ما يملكه اللّصّ ، واحتفاظ الباقي لمالكه. والقسمة هنا ضروريّة.
ولو خاف من الظالم لو منعها عنه ، جاز له ردّها عليه.
مسألة ٧٧ : يجب ردّ الوديعة إلى مالكها وإن كان كافراً ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (٢).
وقد روى الفضيل عن الرضا عليهالسلام ، قال : سألته عن رجلٍ استودع رجلاً من مواليك مالاً له قيمة ، والرجل الذي عليه المال رجل من العرب يقدر على أن لا يعطيه شيئاً ، والمستودع رجل خبيث خارجيّ شيطان ، فلم أدع شيئاً ، فقال : « قل له : يردّ عليه ، فإنّه ائتمنه عليه بأمانة الله » قلت : فرجل
__________________
(١) التهذيب ٧ : ١٨٠ ـ ١٨١ / ٧٩٤ ، الاستبصار ٣ : ١٢٤ / ٤٤٠.
(٢) النساء : ٥٨.