ولأنّ الناس اتّفقوا على إشراع الأجنحة والساباطات في الطرق النافذة والشوارع المسلوكة في جميع الأعصار وفي سائر البقاع من غير إنكارٍ ، فكان سائغاً.
ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نصب بيده ميزاباً في دار العبّاس (١) ، والجناح مثله ؛ لاشتراكهما في المنفعة الخالية عن الضرر.
وقال الشيخ رحمهالله وأبو حنيفة : لا عبرة بالضرر وعدمه ، بل إن عارضه فيه رجل من المسلمين ، نزع ، ووجب قلعه وإن لم يكن مضرّاً به ولا بغيره ، وإلاّ تُرك ؛ لأنّه بنى في حقّ غيره بغير إذنه ، فكان له مطالبته بقلعه ، كما لو بنى دكّةً في المسلوك ، أو وضع الجناح في سلك غيره (٢).
والقياس ممنوع ؛ فإنّ الضرر يحصل مع بناء الدكّة ، بخلاف الجناح والساباط والروشن (٣) ؛ لأنّ الأعمى يتعثّر بها ، وكذا في الليل المظلم يحصل تعثّر البصير بها ، ويضيق الطريق بها ، بخلاف الشارع. وملك الغير لا يجوز الممرّ فيه إلاّ بإذنه ، بخلاف الطرق ، فافترقا.
فروع :
أ ـ شرط أحمد في جواز إشراع الجناح إذنَ الإمام فيه ، فإن أذن فيه جاز ، وإلاّ فلا (٤).
وهو ممنوع ؛ لاتّفاق الناس على عمله.
__________________
(١) الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ : ٢٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٦ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧ ، سنن البيهقي ٦ : ٦٦ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٣ : ٣٣١ ـ ٣٣٢.
(٢) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ٢٩١ ، الخلاف ٣ : ٢٩٤ ، المسألة ٢ من كتاب الصلح ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٢ : ١٤٤ ، المغني ٥ : ٣٤ ، الشرح الكبير ٥ : ٢٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٥ : ١٢ ، البيان ٦ : ٢٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩٦.
(٣) الروشن : الرفّ والكوّة. لسان العرب ١٣ : ١٨١ « رشن ».
(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٩٦.