إعارة الأرض لم يكن له الدفن فيها ؛ لأنّ مثل هذه المنفعة لا يكفي فيها إطلاق الإعارة ، بل يجب ذكرها بالنصوصيّة ، بخلاف سائر المنافع ؛ لأنّ هذه المنفعة تقتضي تسلّط المُستعير على المُعير بما فيه ضرر لازم ، ولو قدّر تسليطه عليه كان ذلك ذريعةً إلى إلزام إعارة الأرضين.
مسألة ٩٧ : لا تخلو العين التي تعلّقت بها العارية إمّا أن تكون جهة الانتفاع فيها واحدةً أو أكثر.
فإن كانت واحدةً لا ينتفع بالمُستعار به إلاّ بجهةٍ واحدة ، كالدراهم والدنانير التي لا ينتفع بها إلاّ بالتزيّن ، والبساط الذي لا ينتفع به إلاّ في فرشه ، والخيمة التي لا منفعة لها إلاّ الاكتنان ، والدار التي لا منفعة فيها إلاّ السكنى ، ومثل هذا لا يجب التعرّض للمنفعة ، ولا ذكر وجه الانتفاع بها ؛ لعدم الاحتياج إليه ؛ إذ المقتضي للتعيين في اللفظ حصر أسباب الانتفاع ، وهو في نفسه محصور ، فلا حاجة له إلى مائزٍ لفظيّ.
وإن تعدّدت الجهات التي يحصل بها الانتفاع ـ كالأرض التي تصلح للزراعة والغرس والبناء ، والدابّة التي تصلح للحمل والركوب ـ فلا يخلو إمّا أن يعمّم الإذن ، أو يخصّصه بوجهٍ واحد أو أزيد ، أو يطلق.
فإن عمّم ، جاز له الانتفاع بسائر وجوه الانتفاعات المباحة المتعلّقة بتلك العين ـ كما لو أعاره الأرض لينتفع بها في الزرع والغرس والبناء وغير ذلك ـ بلا خلاف.
وإن خصّص الوجه كأن يعيره الأرض للزرع أو البناء أو الغرس ، اختصّ التحليل بما خصّصه المُعير ، وبما ساواه أو قصر عنه في الضرر ما لم ينصّ على التخصيص ، ويُمنع من التخطّي إلى غيره ، فلا يجوز له التجاوز قطعاً.