ذلك ، فقيل : أراد بالذكر صلاة المغرب والعشاء ؛ لأنه ليس ثمّ ذكر يجب إلا هذا ، ولأنه عطف عليه بالذكر الثاني ، ويكون هذا دليلا على وجوب صلاتهما بالمزدلفة ، وهو الذي ذهب إليه أهل المذهب ، وأبو حنيفة ، ومحمد ، قال أبو حنيفة ، والقاضي زيد : إلا أن يخشى فواتهما صلّاهما في الطريق (١).
ومن الحجة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأسامة ، وقد أراد أن يصلي في الطريق : «الصلاة أمامك.
وقال الشافعي ، وأبو يوسف : إن صلاهما في الطريق لغير عذر جاز ؛ لأن ذلك رخصة.
وقيل : أراد بالذكر التلبية ، والتهليل ، والتكبير ، والدعاء ، ويكون الأمر على طريق الاستحباب لدلالة الإجماع أن ذلك لا يجب.
وعن ابن عباس أنه نظر إلى الناس ليلة جمع فقال : لقد أدركت الناس هذه الليلة لا ينامون ، يتأولون (٢) قول الله تعالى : (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ).
وقوله تعالى : (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) قال الزمخشري : معناه مما يلي المشعر الحرام ، وقريبا منه ، وذلك للفضل ، والمشعر الحرام : هو قزح ، وهو جبل معروف هنالك ، وقيل : هو ما بين جبلي المزدلفة ، من مأزمي عرفة إلى وادي محسر ، وليس المأزمان ، ولا وادي محسر من المشعر.
وفي الآية دليل على وجوب المرور بالمشعر الحرام ، لكن زمان الوجوب وحكمه ، وهل ذلك شرط ، أو نسك ، مأخوذ من غير الآية ، بل من جهة السنة
__________________
(١) قال عليهالسلام : (والأقرب أنه يلزم دم ، كمن بات في غير مزدلفة لعذر) غيث.
(٢) يعني : وجوب العشائين بمزدلفة ، لا كونهما ذكر المشعر.