أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم. ادعهم إلى الدخول في الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار الهجرة ، فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما عليهم ، فإن دخلوا في الإسلام ، وأبوا أن يتحولوا إلى دار الهجرة ، فأخبرهم أنهم كأعراب المؤمنين ، يجري علهم حكم الله ، ولا يكون لهم في الفيئ والغنيمة شيء حتى يجاهدوا مع المؤمنين ، فإن فعلوا فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن فعلوا فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله عليهم ، ثم قاتلهم» فهذا مخصص بعموم قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة : ٥] وقوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله» الخبر.
إن قيل : إن آية براءة نزلت عام الفتح ، وهي عامة ، وأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمراء السرايا قبل الفتح ، بدليل أنه أمر بدعائهم إلى الهجرة.
قلنا : هذه المسألة ، وهي بناء العام على الخاص ، مع تقدم الخاص خلافية بين الأصوليين ، فمنهم من يقول : ببناء العام على الخاص ؛ لأن الخاص غير محتمل ، فهذا القول يصح بناؤه على هذه القاعدة.
ومنهم من يقول : إن العام ناسخ للخاص ، وهذا قول أصحاب أبي حنيفة ، والقاضي ، والسيد أبي طالب.
وأما ترتيب ما صححه السادة للمذهب ، وهو قول أبي حنيفة ، فيقولون : خرج أهل الكتاب من عموم الآيتين والخبر بآية براءة ، وخرج كفار العجم ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لقريش» (١) هل لكم في كلمة إذا قلتموها دانت لكم العرب ، وأدت إليكم العجم الجزية» فعم العجم بإيجاب الجزية
__________________
(١) في النسخة ب (لكفار قريش).