ومذهب الأئمة عليهمالسلام ، وأبي حنيفة : لا يمنعون ، وسيأتي زيادة عند ذكر قوله تعالى : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) [التوبة : ٢٨] في سورة براءة ،
وأطلق في الانتصار : أنهم يمنعون من جزيرة العرب.
وقوله تعالى : (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) قيل : أراد بالفتنة إخراجهم من مكة ؛ لأن في ذلك تعذيبا لهم ، وقيل لبعض الحكماء : ما أشد من الموت؟ فقال : ما يتمنى فيه الموت ، فجعل تعالى الإخراج من الوطن من الفتن الذي يتمنى عندها الموت ، ومنه قول الشاعر (١) :
لقتل بحد السيف أهون موقعا |
|
على النفس من قتل بحد فراق |
أي : قطع الأوصال أهون من قطيعة الوصال ، وضرب الرقاب أيسر من مفارقة الأحباب ، وفي هذا دليل على أن ما أباحه القتل أباحه التوعد من القادر بالإخراج من البلد ، وقد ذكر هذا أبو مضر ، لكن تجب الهجرة في مواضع يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
وقيل : الفتنة عذاب الآخرة ، قال تعالى : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) [الذاريات : ١٤] وهذا مروي عن الكسائي.
وقيل : الفتنة هي شركهم ، وهذا مروي عن الحسن ، وقتادة ، أي : كفرهم أعظم من القتال في الشهر الحرام ؛ لأنه روي في سبب نزولها : أن رجلا من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام ، فعاب المشركون ذلك على المؤمنين. فنزلت.
أي : كفركم (٢) أعظم من قتل مشرك في الشهر الحرام ، وإن كان محظورا ، وهذا مروي عن أبي علي. وقيل : الشرك أعظم من القتل في
__________________
(١) انظر مشاهد الإنصاف على الكشاف ، ولم ينسبه لأحد.
(٢) في نسخة (كفرهم أعظم).