لأنها فعل الله ، فلم يبق إلا أن يتعلق بأفعالنا المتناولة لها ، والفعل مختلف ، وهو غير مذكور ، ولا فعل أولى من فعل.
والذي ذهب إليه الجلة من الأصوليين ، كأبي علي ، وولده أبي هاشم ، والقاضي واختاره الإمام الناطق بالحق والمنصور بالله ، والغزالي ، وابن الحاجب ، أنه لا إجمال في ذلك ؛ لأن الوضع العرفي يقطع منه على أن المراد عند الاطلاق الفعل المقصود من العين السابق إلى الأفهام عند الإطلاق ، والسابق في الاستعمال العرفي من قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) أن المراد أكلها ، ومن قوله : وقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) أن المراد الاستمتاع.
وقال بعضهم : إن هذا مقدر بحذف مضاف كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] وهو يرجع إلى قول الجمهور ، فإذا ثبت هذا استدرك على الاستدلال.
بهذه الآية على نجاسة الميتة.
وقيل : السابق إلى الأفهام الفعل المقصود ، وهو الأكل ، فمن أين حصلت الدلالة من هذه الآية على نجاسة الميتة ، فيلزم الانتقال في نجاسة الميتة إلى دليل آخر ، إما إلى إجماع ؛ لأنه حاصل في نجاسة ميتة ما له دم سائل غير المسلم والسمك ، وإما إلى خبر الفأرة تموت في السمن (١) ، وإما إلى قياس على الدم كما ذكره الشيخ أبو إسحاق الفيروزآبادي (٢) ، لأنه قاسها في التنجيس على الدم بعلة أنها محرمة الأكل لغير ضرورة.
__________________
(١) وقد أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد ، باب الفأرة تقع في السمن ، ولفظه (عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن فارة وقعت في سمن فماتت ، فقال : إن كان جامدا فخذوها وما حولها ، ثم كلوا ما بقي ، وإن كان مائعا فلا تأكلوه). ح / س.
(٢) هو الشيخ أو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزأبادي ، الشيرازي ، الإمام الزاهد ، صاحب المهذب في فقه مذهب الإمام الشافعي. ح / س.