الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [البقرة : ١٢٧ ـ ١٣١].
وقد أخذ من ذلك أحكام :
الأول : أن عمارة البيت ، وكذا سائر المساجد من القربات اقتداء بإبراهيم ، وإسماعيل ؛ لأنهما فعلا ذلك ، وكان عبادة منهما ، لذلك قالا : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا).
الثاني : أنه يستحب الدعاء عقيب العبادة ؛ اقتداء بهما ؛ لأن المعنى : وإذ يرفعانه قائلين : ربنا. إلى آخر الدعاء ، وقد فسر قوله تعالى في سورة (أَلَمْ نَشْرَحْ) : أي : إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء.
ومنها : أنه يستحب طلب اللطف والمعونة في الدين ، والدعاء للغير ، وفي الحديث : (أعجل الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب).
وأنه يجوز الدعاء بما يعلم الداعي حصوله ؛ لأنهما عليهماالسلام عالمان أنهما لا يفارقان الإسلام ، وأن الانبياء والأئمة لا تشترط عصمتهم من الصغائر.
قال الحاكم : لأنه لا يحسن أن يقال : اغفر ذنبي ولا ذنب له ، وعند الامامية يشترط في الإمام عصمته من الصغائر ، والكبائر ، وهو خطأ.
والمعنى في الآية الكريمة : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) أرادا الكعبة ، والقواعد : هو أساسها الذي كان عليه وقت آدم.
قال الزمخشري رضي الله عنه : روي أن الله تعالى أنزل البيت ياقوتة من يواقيت الجنة ، له بابان من زمرد ، شرقي وغربي ، وقال لآدم : أهبطت لك ما يطاف به كما يطاف حول عرشي ، فتوجه آدم من أرض الهند ماشيا إليه ، وتلقته الملائكة ، وقالوا : بر حجك يا أدم ، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام ، وحج آدم أربعين حجة من أرض الهند إلى مكة على