أبو عبيدة أى أظهروها. وأنكر عليه الأزهرىّ ، وقال : إنّما يقال أشرّوا بالمعجمة إذا أظهروا ، وأسرّوا ضدّ أشرّوا. وقال قطرب : أسرّها كبراؤهم من أتباعهم. قال ابن عرفة : لم يقل قطرب شيئا ، وإنّما أخبر الله عنهم أنّهم أظهروا النّدامة حتى قالوا : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ) الآية ، وحتى قالوا : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ) فقد بيّن الله إظهارهم.
وكنى عن النكاح بالسّرّ من حيث إنّه يخفى. واستعير للخالص فقيل : هو فى سرّ قومه ، ومنه سرّ الوادى وسراره. وسرّة البطن : ما يبقى ، وذلك لاستتاره بعكن البطن. والسّرّ والسّرر يقال لما يقطع منه. وأسرّة الرّاحة وأسارير الجبهة لغضونهما. واستسرّه : بالغ فى إخفائه ، قال (١) :
إنّ العروق إذا استسرّ بها الندى |
|
أشر النبات بها وطاب المزرع |
وفى الحديث : «من أصلح سريرته أصلح الله علانيته». ومن دعائه : يا عالم السّر ، ويا دائم البرّ ، ويا كاشف الضرّ ، أصلح سرّنا ، وأدم برّنا ، واكشف ضرّنا. يا مولانا. وقوله : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ)(٢) فسّروه بالصّوم (٣) والصّلاة والزكاة والغسل من الجنابة. قال الشاعر :
__________________
(١) أى نصيب الأصغر ، كما فى الأساس (أشر). وأشر النبات أن يمضى فى اكتماله وغلوائه. وترى أن (أستسر) فى البيت معناها خفى فهو فعل لازم. وقد أتى به شاهدا على المتعدى ، وجاء فى اللسان : استسره ألقى اليه سره. فأما المعنى الذى ذكره فلم أقف عليه الا فى التاج ، والظن أنه نقله عن البصائر.
(٢) الآية ٩ سورة الطارق.
(٣) نسب هذا التفسير الى عطاء بن أبى رباح. قال : «فانها سرائر بين الله وبين العبد». ولو شاء العبد لقال : صمت ولم يصم ، وصليت ولم يصل ، واغتسلت من الجنابة ولم يغتسل. وانظر حاشية الجمل على الجلالين فى الآية.