٨ ـ بصيرة فى السجود
وأصله التّطامن والتذلّل. وجعل ذلك عبارة عن التذلّل لله وعبادته ، وهو عامّ فى الإنسان ، والحيوانات ، والجمادات ، وذلك ضربان :
سجود باختيار ، وليس ذلك إلّا للإنسان ، وبه يستحق الثّواب ، قال تعالى : (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)(١) أى تذلّلوا له
وسجود بتسخير ، وهو للإنسان ، والحيوانات ، والنباتات (٢) ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)(٣) ، وقوله تعالى : (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ)(٤) ، فهو الدّلالة الصّامتة والنّاطقة المنبّهة على كونها مخلوقة ، وأنّها خلق فاعل حكيم
وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)(٥) ينطوى على النّوعين من السجود بالتسخير والاختيار. وقوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ)(٦) ، هو على سبيل التسخير. وقوله : (اسْجُدُوا لِآدَمَ)(٧) قيل : أمروا بأن يتّخذوه قبلة ، وقيل : أمروا بالتذلّل له ، والقيام بمصالحه ومصالح أولاده ، فأتمروا
__________________
(١) الآية ٦٢ سورة النجم.
(٢) ب : «النبات».
(٣) الآية ١٥ سورة الرعد.
(٤) الآية ٤٨ سورة النحل.
(٥) الآية ٤٩ سورة النحل.
(٦) الآية ٦ سورة الرحمن.
(٧) الآية ٣٤ سورة البقرة.