٤٤ ـ بصيرة فى سنن
قد تكرّر فى التنزيل وفى الحديث ذكر السنّة وما يتصرّف منها. والأصل فيها الطريقة والسيرة ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «من سنّ سنّة حسنة (١)» أى طرّق طريقة حسنة. وإذا أطلقت فى الشرع فإنما يراد بها ما أمر النبى صلىاللهعليهوسلم به أو نهى عنه أو ندب إليه ، قولا وفعلا ، ممّا لم ينطق به الكلام العزيز. ولهذا يقال : أدلّة الشرع الكتاب والسنّة ، أى القرآن والحديث. وفلان متسنّن ، أى عامل بالسنّة.
وسنّة النبىّ صلىاللهعليهوسلم : طريقته التى كان يتحرّاها. وسنّة الله قد يقال لطريقة حكمته ، وطريق طاعته. وقوله تعالى : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً)(٢) ، تنبيه أنّ فروع الشرائع وإن اختلفت صورها ، فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدّل ، وهو تطهير (٣) النفس وترشيحها (٤) للوصول إلى ثواب الله تعالى ومرضاته وجواره.
وفى الحديث : «إنّما أنسّى لأسنّ (٥)» ، أى إنّما أدفع إلى النسيان لأسوق النّاس بالهداية إلى الطّريق المستقيم ، وأبيّن لهم ما يحتاجون إليه (٦) أن يفعلوا
__________________
(١) من حديث رواه مسلم ، كما فى رياض الصالحين فى (باب من سن سنة حسنة أو سيئة).
(٢) الآية ٤٣ سورة فاطر.
(٣) فى الأصلين : «يطهر .. يرشحها» ، وما أثبت عن الراغب. وفى التاج فيما نقله عن الراغب : «تطمين» فى مكان «تطهير».
(٤) ورد فى النهاية وتكلم عليه بما هنا.
(٥) سقط هذا اللفظ فى النهاية.