نهضته في مكافحة الظلم والجور ولإحياء أمره امتثالا لأوامر الأئمّة من بعده.
ويتجلّى لنا حرص آل البيت عليهمالسلام على بقاء عزّ الإسلام ، وإن كان ذو السلطة من ألدّ أعدائهم ، في موقف الإمام زين العابدين عليهالسلام من ملوك بنى أميّة ، وهو الموتور لهم ، والمنتهكة في عهدهم حرمته وحرمه ؛ والمحزون على ما صنعوا مع أبيه وأهل بيته في واقعة كربلاء ، فإنّه ـ مع كلّ ذلك ـ كان يدعو في سرّه لجيوش المسلمين بالنصر وللإسلام بالعزّ وللمسلمين بالدعة والسّلامة ، وقد تقدّم أنه كان سلاحه الوحيد في نشر المعرفة هو : الدعاء ، فعلّم شيعته كيف يدعون للجيوش الإسلامية والمسلمين كدعائه المعروف ب (دعاء أهل الثغور) الذي يقول فيه : «اللهم صلّ على محمد وآل محمّد ، وكثّر عددهم واشحذ أسلحتهم ، واحرس حوزتهم ، وامنع حومتهم وألّف جمعهم ، ودبّر أمرهم ، وواتر بين ميرهم ، وتوحّد بكفاية مؤنهم ، وأعضدهم بالنصر ، وأعنهم بالصّبر ، والطف بهم في المكر» إلى أن يقول ـ بعد أن يدعو على الكافرين ـ : «اللهم وقوّ بذلك محالّ أهل الإسلام وحصّن به ديارهم وثمّر به أموالهم ، وفرّغهم عن محاربتهم لعبادتك ، وعن منابذتهم للخلوة بك ، حتى لا يعبد في بقاع الأرض غيرك ، ولا تعفّر لأحد منهم جبهة دونك» (١).
وهكذا يمضي في دعائه البليغ ـ وهو من أطول أدعيته ـ في توجيه الجيوش المسلمة إلى ما ينبغي لها من مكارم الأخلاق وأخذ العدّة للأعداء ، وهو يجمع إلى التعاليم الحربيّة للجهاد الإسلامي بيان الغاية منه وفائدته ، كما ينبّه المسلمين إلى نوع الحذر من أعدائهم وما يجب أن يتخذوه في معاملتهم ومكافحتهم ، وما يجب عليهم من الانقطاع إلى الله تعالى والانتهاء عن محارمه ، والإخلاص لوجهه الكريم في جهادهم.
وكذلك باقي الأئمة عليهمالسلام في موقفهم مع مولك عصرهم ، وإن لاقوا منهم أنواع الضغط والتنكيل ، فإنهم لما علموا أنّ دولة لحق لا تعود إليهم
__________________
(١) ما أجمل هذا الدعاء ... وأجدر بالمسلمين في هذه العصور أن يتلوا هذا الدعاء ليعتبروا به وليبتهلوا إلى الله تعالى في جمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم وتنوير عقولهم.