استدلال العامة على إمامة أبي بكر :
استدلوا على إمامته (١) بدليلين :
الدليل الأول :
أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه أمر أبا بكر بأن يصلّي بالمسلمين إماما ، وإذا جعله إماما في أمر الدين ، ورضي به ، فيكون أرضى لإمامته في أمر الدنيا وهو الخلافة ، فقد قاسوا أمر الخلافة على إمامة الصلاة ، وقد عبّروا عن ذلك بعبارات متقاربة (٢).
وقد أوضح صاحب المواقف مرادهم فقال :
«... إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم استخلف أبا بكر في الصلاة حال مرضه واقتدى به وما عزله فيبقى إماما فيها وكذا في غيرها إذ لا قائل بالفصل» ، لاحظ هامش إحقاق الحق :
ج ٢ ص ٣٦٠.
يرد على الدليل المتقدم :
١ ـ إنّ رضي النبي ـ لو سلّمنا بصحة ذلك ـ بإمامة أبي بكر في الصلاة يستلزم بحسب زعم الأشاعرة تحقق النص الخفي أو الجلي على إمامته ، وقد اتفق القوم على فقدانه في شأنه الكل ، لذا صرّح القوشجي :
«بأنّ عمر بن الخطاب لما قيل له أوص قال : ما أوصى رسول الله حتى أوصي ، ولكن إن أراد الله بالناس خيرا جمعهم على الهدى ...» (٣).
٢ ـ إنّ قياس أمر الخلافة على إمامة الصلاة مبني على إثبات حجية القياس الذي قال بصحته العامة دون الخاصة وجمهور الظاهرية والمعتزلة ، وأقاموا على عدم حجيته أدلة كثيرة ليس هنا موضع إثباته ، والأدلة المدعاة على إثباته دونها خرط القتاد ، لأنّ القياس يكون حجة إذا كان هناك علة في الأصل ، ويكون الفرع مساويا له في تلك العلة ، وهاهنا العلة مفقودة ، بل الفرق ظاهر لأنّ الصلاة خلف
__________________
(١) نقصد بالإمامة هنا الخلافة أو الوصاية لا الإمامة المطلقة ، والأدلة على إمامة أبي بكر عندهم كثيرة لا يعوّل عليها أهمها ما ذكرناه آنفا.
(٢) لاحظ شرح التجريد للقوشجي / ٣٧٢ وإحقاق الحق : ج ٢ / ٣٥٩ نقلا عن المواقف والطوالع والكفاية للعابدي.
(٣) شرح كشف المراد للقوشجي : ص ٣٧٩.