النقطة الثانية : الأدلة العقلية والنقليّة على وقوع الرجعة :
الدليل العقلي :
أولا : إنّ رجعة الأموات إلى الحياة الدنيا هي تماما كرجعتهم يوم البعث والنشور بفارق بينهما : أنّ الرجعة محدودة كمّا وكيفا تحدث قبل يوم القيامة بينما يبعث جميع الناس يوم القيامة للثواب والعقاب الدائمين.
وكلا البعثين واقعان تحت قدرة الله تعالى وليس مستحيلا في نفسه ، فالاعتراف برجوع الناس يوم القيامة وإنكار ذلك للرجعة يعتبر فصلا بلا دليل وبرهان ؛ فبعد تسليم أنّ الله سبحانه قادر على إيجاد الجواهر والأعراض بعد إعدامها ، جاز أن يوجدها متى شاء.
ثانيا : وقوع الرجعة في الأمم السّالفة دليل على إمكانها وإخراجها من دائرة الاستحالة إلى الإمكان والوقوع ، فلذا نستغرب من العامة كيف شنّعوا على الشيعة القائلين بها.
الأدلة النقلية على إمكان وقوعها :
فمن الكتاب : ما جاء في عدّة مواطن في تحققها في الأمم السّالفة :
أ ـ إحياء جماعة من بني إسرائيل بعد موتهم عند ما طلبوا من موسى عليهالسلام أن يريهم الله جل وعلا توهما منهم أنّ عيونهم الظاهرة تطيق رؤية الخالق المتنزّه عن المادة فنزلت الصاعقة عليهم وأفنتهم عن آخرهم فاغتمّ النبي موسى عليهالسلام لما حدث بشدة لأنّ هلاك سبعين نفرا من كبار بني إسرائيل قد يوفّر الفرصة للمغامرين من أبناء القوم أن يثيروا ضجّة بوجه نبيّهم لذا تضرّع موسى عليهالسلام إلى الله ليعيدهم إلى الحياة فاستجاب سبحانه تضرّعه فعادوا بإذنه تعالى كما قال تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٦) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة / ٥٦ ـ ٥٧).
ب ـ إحياء قتيل من بنى إسرائيل كما في قوله تعالى : (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٣) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (البقرة / ٧٣ ـ ٧٤).
ومفاد القصة : أن شخصا من بني إسرائيل قتل ووضع على طريق فاتّهمت كلّ قبيلة الأخرى بالقتل ، فتوجهوا إلى موسى عليهالسلام ليقضي بينهم ، فما كانت