ولو سلّمنا بوجود إجماع ، فحيث إن الذي يدور معه الحق حيثما دار (باتفاق النصوص) غير راض عن اجتماعهم يوم ذاك ، فيعتبر وقوفه عليهالسلام بوجه المجمعين ضربة قوية للإجماع ، وهدما لأسسه ، لأنه لو كان مع الحق لوقف الإمام عليهالسلام بجانبه ، فحيث إنه عليهالسلام كان ضده ، يكشف هذا عن كون الإجماع أمرا باطلا فلا حجّية فيه.
٣ ـ إذا كان الإجماع منعقدا على أبي بكر ، فلم لم ينعقد على ابن الخطاب الذي عيّن من قبل أبي بكر ، فالسابق كان يعيّن اللاحق ، وحيث إنّ التعيين باختيار الأمة لم يتكرر ، فكيف يكون الإجماع حجّة على بيعة الأول دون الثاني؟!
الطريق الثالث : «الميراث» :
ذهب بعض الفرق كالعباسية والراوندية إلى ثبوت الإمامة بالوراثة باعتبار أنّ العبّاس بن عبد المطلب استحق الإمامة لقربه من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دون بني أعمامه (١).
وقد اعترض عليه :
١ ـ إنه يشترط في الإمام العصمة ، وهي غير متوفرة في غير الإمام علي عليهالسلام وأولاده المنصوص عليهم واحدا واحدا.
٢ ـ لو ثبت التوارث في الإمامة لثبتت للنساء والصبيان مع أن ذلك باطل بإجماع الأمة.
٣ ـ يشترط في الإمامة النص منه تعالى ، ولا شيء منه في العباس وغيره.
قال أبو الصلاح الحلبي (٣٧٤ ـ ٤٤٧ ه) أحد أعلام الإمامية :
«... فبطل بذلك مذهب القائلين بالاختيار والدعوة والميراث ... وأما الميراث فعري من حجة على كونه طريقا إلى الإمامة عقلية ولا سمعية ولأنه يقتضي اشتراك النساء والرجال والعقلاء والأطفال والعدول والفسّاق في الإمامة كاشتراكهم في الإرث ، والإجماع بخلاف ذلك ... ولأنّ القول بأنّ الدعوة أو الميراث طريق إلى الإمامة حادث بعد انقراض زمن الصحابة والتابعين وأزمان بعدها خالية منه ، وكل من قطع بوجوب ما بيّناه من الصفات للإمام قطع بفساد
__________________
(١) أصول الدين : / ٢٨٤ لعبد القاهر البغدادي ، وكشف المراد / ٣٩٢.