الغلوّ نفي القائل به عن الأئمة سمات الحدوث وحكمه لهم بالإلهية والقدم ؛ إذ قالوا بما يقتضي ذلك من خلق أعيان الأجسام واختراع الجواهر وما ليس بمقدور العباد من الأعراض ، ولا يحتاج مع ذلك إلى الحكم عليهم وتحقيق أمرهم بما جعله أبو جعفر سمة للغلو على كلّ حال» (١).
ويا ليت الكاتب نور الدين اكتفى بما ذكر بل زاد الطين بلّة حيث نقل عن السيد فضل الله : «إنّ عدم رؤية السيدة الزهراء عليهاالسلام للعادة الشهرية يعتبر حالة مرضية تحتاج إلى العلاج ، أو هي على الأقل حالة نقص في أنوثتها» ، ثم قال : «وهو قول وجيه لأنّ الزهراء عليهاالسلام المرأة الكاملة في طبيعتها وأنوثتها لا يمكن أن تكون على مثل هذا الحال فهي منزّهة عن كلّ عيب ونقص وعن كلّ ما يخرجها عن كونها امرأة ، لها ما لكلّ النساء وتجري عليها ما يجري على النساء بما له علاقة بالأمور النسويّة العامة ...» (٢).
يرد عليه :
أولا : إنّ استدلاله هذا اجتهاد في مقابل النص ، حيث لا يوجد دليل نقلي على مدّعاه لكون المسألة من الأمور التاريخية والعقيدية التي تمسّ ذات المعصوم والداخلة في باب الكرامات ، فلا يجوز المساس بها والاعتراض عليها ، فطرح النصوص اعتمادا على الظنون والاستحسانات مشكل بل محرّم شرعا.
ثانيا : إذا كانت الحالة الطبيعية في المرأة هي الحيض فلا يعني ذلك أنّ عدمها يعتبر نقصا وعيبا ، نظيره ما لو قلنا : إنّ الحالة الطبيعية في الإنسان هي النسيان أو السهو أو الخطأ ، فعدم هذه الحالة لا يعتبر نقصا في صاحبها! ولو كان الطمث صفة كمال وعدمه صفة نقص في أنوثة المرأة لكانت المرأة التي بلغت سن اليأس أو التي لا ترى الطمث خلقة خارجة عن أنوثتها؟!!
ثالثا : ما علاقة الطمث بأنوثة المرأة؟! وهل الدم الخارج منها يزيدها نعومة وجمالا؟!! بل العكس هو الصحيح فإن المرأة حال الحيض يغلب عليها الكبت والحزن وهذا ملحوظ عند النساء وإنكاره مكابرة! وقد أكّد على ذلك الأطباء القدامى والجدد ، وفي بعض المرويات أنه اعتلال للمرأة وأنّه عقوبة ابتلى الله بها
__________________
(١) لاحظ تصحيح الاعتقادات ص ١٣٥ ط. دار المفيد ١٤١٤ ه.
(٢) مأساة كتاب المأساة ص ٩٩.