الثاني : الارتباط العاطفي والفكري والروحي بالإمام عليهالسلام حتّى تتحقق السّنخيّة بين الرائي والمرئي ، وهذا حكم عامّ له موارد ومصاديق في عالم الروحانيات ، فما دامت السنخيّة غير متوفرة فكيف يمكن الوصول والوصال؟!
قد يثار إشكال مفاده :
ما الذي يثبت لنا من هذه المنقولات أنّ أصحابها واقعا رأوا الإمام عليهالسلام بل لعلّ المرئي شيء آخر غير الإمام عليهالسلام؟
والجواب :
١ ـ إنّ احتمال طروء اشتباه على الناقلين لتلك المشاهدات ربما يمكن تصوّره عند عدّة قليلين جدّا لكن لا يمكن تصوّر مثل هذا الاشتباه عند المئات ممن وصلنا خبر مشاهدته للإمام خلال الغيبتين لا سيما وأنّ كثيرا منهم من أهل الفضل والضبط والعلم والفهم والتقوى كأمثال السيّد مهدي بحر العلوم وغيره من العلماء الأجلاء ، بل أنّ هناك مقابلات غير مسطورة في الكتب هي أكثر بكثير من المقابلات المروية والمسطّرة في متون الكتب الإخبارية.
٢ ـ إنّ أغلب مقابلاته للأفراد إن لم يكن كلها مشفوعة بإظهار المعجزة لإثبات حقيقته وإبراز المعجزة ضروريّ لإقامة الحجّة وأنّه صاحب الزمان (عج) الشريف بعد العلم أنّ الرائي جاهل تماما بشكل الإمام وسحنته ، وإلّا كيف يطمئنّ الرائي بأنّ من رآه هو صاحب الزمان إن لم يكن مقترنا بما يوجب السكون والاطمئنان والاعتقاد ، ولا تقتصر أخبار المشاهدة وإقامة الحجّة على من رآه في عالم اليقظة بل تشمل أيضا عالم المنام بحيث يراه كلّ من أخلص الدعاء ، وهذا الأمر واضح البيان وذلك لخصوصيّتين :
الأولى : ظهوره في الرؤيا مقترنا بإقامة الحجّة على مستوى المعجزة.
الثانية : أن تبرز آثار ما رآه في النوم إلى عالم اليقظة ، بحيث يرى كل ما رآه في النوم أو أخبر عنه.
وقد يرى في عالم النوم من دون تحقق الخصيصة الأولى وذلك كما لو قال للرائي : «أنا المهدي» فحينئذ يحكم بكون ما رآه إنّما هو الحجّة (عج) ففي النصّ المستفيض عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من رآني فقد رآني فإ نّ الشيطان لا يتمثّل بي ولا بأحد