قد يقال : إنّ بإمكان القوانين الوضعيّة من قبل البشر التكفّل بمسئولية حفظ النظام من الوقوع في غياهب الظلم والجهل ، بحيث يكون لها صلاحية لإدارة المجتمع.
والجواب :
إنّ القوانين الوضعيّة قاصرة عن ذلك لقصور عند واضعيها ، سواء أكان قصورا عقليا أم روحيا والدليل على ذلك :
أولا : إنّ علوم ومعارف البشر ناقصة ومحدودة تماما كنقصان ومحدودية عقولهم ، وهذا طبيعي عند البشر الذين لا يملكون الاطلاع الكامل على الحاجات المختلفة للإنسان أو القدرة على تمييز الخير عن الشرّ وتشخيص موارد التزاحم ولا الإحاطة بمقتضيات الأزمنة والأمكنة المختلفة.
ثانيا : إنّ هناك ارتباطا وثيقا بين الروح والمادة من خلال تعلّق الروح بها ، وتأثير المادّة على النفس مما يستدعي إيجاد قانون ينظر إلى الناحيتين نظرة تجرّد وتكامل ، وهذا غير متوفر في النظم الوضعيّة التي جلّ اهتمامها بالجانب المادّي دون اهتمام بالجانب الروحيّ ، والشاهد عليه ما نراه اليوم من فصلهم للدين عن الدولة ورفضهم للتشريعات السماوية.
ثالثا : إنّ الميول والأهواء النفسيّة عند واضعي ومقنني النظم الوضعيّة تستدعي صبّ تلك القوانين في قوالب العصبيّات والأهواء بحيث يدوّنوها لفئة قليلة دون النظر إلى الجماعات والمصالح العامّة للمجتمع بأسره. وهذا بعكس قوانين السماء الموافقة لنواميس الخلقة ومدوّنة على وفق حاجات البشر الواقعيّة ، ومنزّهة من كل أنواع الانحراف والأغراض الشخصية. ومن هنا يتضح أنّ البشر محتاجون إلى القوانين الإلهية بشكل كامل وأنّه لا غنى لهم عن الألطاف الربّانية والفيوضات الإلهية التي تقتضي وضع شرائع متكاملة يراعى فيها نواميس الفطرة والعاطفة والعقل وحفظ حقوق الأفراد والجماعات.
والآن عود على بدء ..
لما ذا المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف؟
إنّ المتصفّح لتاريخ البشرية منذ آدم إلى وقتنا الحاضر يرى أنّ في كلّ زمان حجّة على الناس ، بها يحتجّ المولى عزوجل عليهم لئلّا يقولوا : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ