(أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوالِدَتِي) قرئ برّا بفتح الباء وصفا بمعنى كثير البرّ وحينئذ يكون عطفا على مباركا ويلزم منه الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ، أو عطفا على أوصاني بتقدير جعلني ، وقرئ برّا بكسر الباء مصدرا فيكون عطفا على الصّلوة (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً) متجبّرا متكبّرا (شَقِيًّا وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) تغيير السّلام مع قوله تعالى سلام عليه بالتّعريف والتّنكير وبنسبة الاوّل الى الله والثّانى الى عيسى (ع) نفسه يعلم وجهه من تفاوت مقام عيسى (ع) ويحيى (ع) (ذلِكَ) المذكور ممّن اقرّ لله بالعبوديّة (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) لا من قالوا بآلهته أو بنبوّته لله (قَوْلَ الْحَقِ) قرئ بالرّفع على ان يكون بدلا من عيسى (ع) أو خبرا بعد خبر ، أو خبرا لمبتدء محذوف اى هذا الكلام قول الحقّ ، أو هو يعنى عيسى (ع) قول الحقّ ، وقرئ قول الحقّ بالنّصب فيكون مفعولا مطلقا مؤكّدا لغيره ، والاضافة بيانيّة اى أقول قولا هو الحقّ أو بتقدير اللّام اى هو قول الله (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) اى يشكّون أو يجادلون وينازعون بان يقول اليهود هو لغير رشده أو ساحر ويقول النّصارى هو ابن الله ، أو هو الله ، أو هو واحد من الثّلاثة (ما كانَ لِلَّهِ) اى ما صحّ وما أمكن لله فانّ هذه الكلمة تستعمل ويراد بها نفى الإمكان (أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) كما يقوله بعض النّصارى (سُبْحانَهُ) اى نزّه نزاهته من المجانسة مع الولد والاحتياج الى الصّاحبة (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) فليس كون عيسى (ع) بلا أب سببا للقول بانّه ولد لله (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي) قرئ بفتح الهمزة بتقدير اللّام متعلّقا بقوله فاعبدوه والفاء زائدة ، أو بتقدير امّا أو بتوهّمها ، أو بكون انّ وما بعدها عطفا على الصّلوة ، وقرئ بكسر الهمزة معطوفا على انّى عبد الله ، أو ابتداء كلام من الله بتقدير قل خطابا لمحمّد (ص) يعنى قل يا محمّد (ص) انّ الله ربّى (وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا) المذكور من الجمع بين اعتقاد ربوبيّة الله والعبادة له الّذى هو كمال القوّتين العلّامة والعمّالة ، أو من العبادة والخروج من الانانيّة والاستقلال بالرّأى والدّخول تحت الأمر الالهىّ (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) الى الله وقد مضت الآية في سورة آل عمران (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) الأحزاب جمع الحزب والحزب كلّ جماعة منقطعة عن غيرهم برأى أو صنعة ، ولفظة من امّا ابتدائيّة والظّرف حال من الأحزاب أو زائدة ، وبينهم ظرف للاختلاف واختلافهم كان في ان قال بعضهم : انّه هو الله ، وبعضهم : هو ابن الله ، وبعضهم : هو واحد من الثّلاثة ، وبعضهم : هو وأمّه آلهان (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) باعتقاد الخلاف في المسيح (ع) (مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) والمشهد امّا مصدر ميمىّ أو اسم مكان (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) هو صيغة التّعجّب (يَوْمَ يَأْتُونَنا) لانّ الأبصار تصير في ذلك اليوم حديدة (لكِنِ الظَّالِمُونَ) وضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بعلّة الحكم وتفضيحا لهم بذكر وصف ذمّ لهم يعنى انّهم ظالمون والظّالمون (الْيَوْمَ) يعنى في الدّنيا (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) يعنى انّهم صمّ بكم عمى عن الحقّ في الدّنيا ، ولا ينفعهم حدّة البصر في الآخرة ، ويجوز ان يكون المعنى ابصر الظّالمين فيكون الباء للتّعدية دون الهمزة ويكون يوم يأتونتا مفعولا به أو ظرفا ، ويكون معنى قوله لكن الظّالمون اليوم لكنّ الظّالمون يوم يأتوننا أو يوم الدّنيا في ضلال مبين ، ويجوز ان يكون المعنى ابصرهم بسبب الأنبياء (ع) ويكون يوم يأتوننا مفعولا ثانيا أو ظرفا وقوله لكن الظّالمون اليوم في ضلال مبين على المعنيين المذكورين (وَأَنْذِرْهُمْ) يا محمّد (ص) (يَوْمَ الْحَسْرَةِ) اى حسرة الكفّار على ما فرّطوا في جنب الله أو حسرة الكفّار على التّفريط والدّانين من المؤمنين على تقصيرهم