كلوحا وكلاحا بضمّها تقلّص شفتاه في عبوس سواء كان في تبسّم أو غيره وهذه الجملة حاليّة أو معطوفة (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) جملة مستأنفة بتقدير القول وجواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : ما يقال لهم حينئذ؟ ـ فقال : يقال : لتأنيبهم : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ قالُوا) هذا أيضا جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : فما يقولون؟ ـ فقال : يقولون لكنّه عدل الى الماضي لتحقّق وقوعه (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) فلم تدعنا نتّبع آياتك وقادتنا الى تكذيب الآيات وسوء العاقبة (وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) بحسب الفطرة (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا) الى ما كنّا فيه (فَإِنَّا ظالِمُونَ) كأنّهم اعتذروا عن تكذيب الآيات في الكرّة الاولى بكونهم مقهورين للشّقوة وعدم رادع لهم من اتّباع الشّهوة لا من أنفسهم ولا من الخارج لانّهم كانوا ضالّين عن الطّريق فما أمكن لهم التّوسّل بآثار الطّريق لعدم ظهورها عليهم وما بلغ أسماعهم دلالة صاحب الطّريق لضلالهم عنه وتمنّوا الرّجوع الى الدّنيا لما علموا الطّريق وعقباتها ، وقالوا : ان رجعنا لا نكذّب لما علمنا الطّريق وآثارها وعقباتها فلا نخرج ولا نضلّ عن الطّريق ، وإذا لم نضلّ عن الطّريق لم نضلّ عن صاحبها ، وإذا لم نضلّ عن صاحبها لا نكذّب وان نكذّب كنّا حينئذ ظالمين بوضعنا التّكذيب الّذى لا ينبغي لنا موضع التّصديق الّذى كان من شأننا ، وامّا التّكذيب السّابق فكأنّه كان مقتضى ضلالتنا ولم يكن ظلما منّا (قالَ اخْسَؤُا فِيها) اخسأ كلمة تقال لزجر الكلب (وَلا تُكَلِّمُونِ) هاتان الكلمتان إظهار لغاية السّخط عليهم وردع لهم عن ساحة حضوره ومحلّ خطابه (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ) حالا وقالا (رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) يعنى انّ جماعة من عبادي وهم الّذين تولّوا عليّا (ع) بالبيعة الخاصّة توسّلوا بى وتضرّعوا علىّ والتجأوا الىّ (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) قرئ بضمّ السّين وكسرها (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ) يعنى صاروا بسبب اشتغالكم باستهزائهم أسبابا لنسيانكم (ذِكْرِي) وأسبابا لضلالكم لا انّكم كنتم ضالّين بفطرتكم (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) وهؤلاء كانوا أوليائي وكان الاستهزاء بهم استهزاء بى فجزيتكم ذلك الجزاء وأكرمتهم غاية الإكرام (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) على استهزائكم وايذائكم (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) قرئ بفتح الهمزة مفعولا لجزيتهم ، وبكسر الهمزة مستأنفا في مقام التّعليل يعنى جزيتهم أحسن الجزاء بان جعلتهم مخصوصين بالفوز والنّجاة ، أو فائزين بمراداتهم ، أو فائزين بكمالات الإنسان ولذائذه مطلقا (قالَ) اى قال الله أو الملك الموكّل بهم وقرئ قل : على ان يكون امرا للملك الموكّل بهم (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ) اى حين الحيوة الدّنيا أو في ارض القبور بعد الموت (عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) فانّهم لدهشتهم ووحشتهم استقلّوا مدّة لبثهم في الدّنيا أو في القبور (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) اى الملائكة الموكّلين بحفظ الأعوام والشّهور والايّام علينا يستشهدون الملائكة على صدق مقالتهم أو كأنّهم يلتفتون انّهم مخالطون متحيّرون في تعيين الايّام والشّهور ويقولون : لا علم لنا بما نقول فاسئل الملائكة (قالَ) الله أو الملك وقرئ : قل مثل سابقه (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) لما خالطتم أو لفظة لو للتّمنّى (أَفَحَسِبْتُمْ) اى اما تأمّلتم أو أهملتم فحسبتم (أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) عبث كفرح لعب وكضرب خلط (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) وهذه الجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدّر بتقدير القول اى نقول : أفحسبتم انّما خلقناكم من غير استكمال لكم ومن غير استبقاء فكذّبتم واتّبعتم أهواءكم وأعرضتم عن رسلنا وخلفائنا (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) الّذى لا يشوبه باطل عن العبث