البيوت بوادي القرى بين المدينة والشّام (بِما ظَلَمُوا) بظلمهم وفي هذه الآية دلالة على انّ الظّلم يخرب البيوت (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) خرابها ، أو يعلمون قصصهم أو لهم علم وعقل (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) به أو بالله (وَكانُوا يَتَّقُونَ) يعنى صار سجّيتهم التّقوى لانّ تخلّل كان يفيد هذا المعنى ، قيل : كانوا اربعة آلاف خرج بهم صالح (ع) الى حضر موت وسمّيت حضر موت لانّ صالحا (ع) لمّا دخلها مات (وَلُوطاً) عطف على مجموع الى ثمود صالحا (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) الّتى هي إتيان الذّكور (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) بصراء ، أو تعلمون قبحه ، أو ترون بعضكم من بعض (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) بدل تفصيلىّ من قوله أتأتون الفاحشة (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) تفعلون افعال الجهّال أو تجهلون قبح هذه الأفعال وسوء عاقبتها ، أو تجهلون القيامة والدّار الآخرة ، أو أنتم صاحبوا الجهل (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) لمّا لم يكن لهم جواب بالحجّة هدّدوه بالقتل والإخراج ، ولمّا لم يكن لوط (ع) من أهل قريتهم قالوا أخرجوه وعلّلوه بطهارتهم عن مثل أفعالهم.
الجزء العشرون
(فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها) اى كونها (مِنَ الْغابِرِينَ وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) عجيبا وهو مطر الحجر (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) بعد ما ذكر قصص الأنبياء (ع) وما خصّهم به من الآيات الدّالّة على صدقهم وقدرة الله وحكمته ومن الانتصار لهم من أعدائهم امر الرّسول (ص) بالحمد شكرا لنعمه الّتى أنعم بها على رسله لانّ انعام الرّسل كان مقدّمة لارساله وانعاما عليه (وَسَلامٌ) عطف على (الْحَمْدُ لِلَّهِ) يعنى وقل سلام (عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) لانّك علمت تخصيص الله ايّاهم (ع) من بين العباد فحيّهم بتحيّة خواصّ الله ، أو مستأنف من الله تحيّة لرسله (ع) (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) اى أقوام الرّسل (ع) من الأصنام والكواكب والعجل والملائكة والشّياطين والاهوية (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أم منقطعة متضمّنة للاستفهام ، ومن موصولة بدل من الله ، ولمّا كان المقصود إلزامهم على انّ الله خير ممّا يشركون وانّهم في اختيار غير الله عليه سفهاء وكان ما بعد أم في تلك الفقرات الآتية أوضح في هذا المعنى وأبلغ اضرب عن قوله الله خير أم ما يشركون وقال بل من خلق السّماوات والأرض خير أم ما يشركون ، ويجوز ان يكون من استفهاميّة وأم منقطعة غير متضمّنة للاستفهام ويكون الكلام مستأنفا (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ) رياضا وبساتين (ذاتَ بَهْجَةٍ) ذات منظر صحيح يبتهج به ، والتفت الى التّكلّم للاشعار بانّ إنبات الحبوب واللّبوب والعروق الّتى هي جماد وانماؤها وإخراج الأوراق والغصون والاثمار عليها خارج عن عهدة الأسباب الطّبيعيّة من دون حضور الله وأسبابه الغيبيّة ، وللاشارة الى انّ النّاظر الى الأسباب ينبغي ان يكون نظره إليها بحيث ينتقل منها الى مسبّب الأسباب فاذا نظر الى سبب أو سببين ينبغي ان ينتقل الى المسبّب وتمثّل وحضر عنده المسبّب (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) وان كنتم في غاية الاهتمام وفي غاية التّدبير والتّربية فانّه لو لم يختلف عليها الايّام واللّيالى ولم يكن حرّ النّهار وبرد اللّيالى ما نبتت وما نمت ، وتخلّل كان في أمثال هذا لنفى الصّحّة والإمكان اى ما صحّ وما أمكن لكم (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) ممّا يعدّونه إلها (بَلْ) ليس اله مع الله ف (هُمْ قَوْمٌ