جواب سؤال مقدّر كأنّه قيل : ما حال الخالصين؟ أيكونون متساوين؟ ـ فقال : من المؤمنين رجال (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) عند البيعة مع محمّد (ص) بالإجابة له في شروطه والمعنى قالوا ما عاهدوه صدقا لا كذبا كالمنافقين أو صدقوا فيما عاهدوه (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) للنّحب معان كثيرة منها الخطر العظيم والحاجة والوقت والنّوم والشّدّة والمدّة والموت والأجل والنّذر ، والكلّ مناسب هاهنا فانّ المراد قضاء عمره (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) النّحب (وَما بَدَّلُوا) ما عاهدوا الله عليه (تَبْدِيلاً) شيئا من التّبديل ، فيه تعريض باهل النّفاق وقد ورد أخبار كثيرة انّ الآية نزلت في حمزة وجعفر وعبيدة وعلىّ (ع) ، وفي بعض الاخبار انّها نزلت في المؤمنين من شيعة آل محمّد (ص) ، وفي خبر عن الصّادق (ع) المؤمن مؤمنان ، فمؤمن صدق بعهد الله ووفى بشرطه وذلك قول الله عزوجل : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وذلك لا يصيبه أهوال الدّنيا ولا أهوال الآخرة وذلك ممّن يشفع ولا يشفع له ، ومؤمن كخامة الزّرع يعوجّ أحيانا ويقوم أحيانا ، فذلك ممّن يصيبه أهوال الدّنيا وأهوال الآخرة ، وذلك ممّن يشفع له ولا يشفع ، وفي خبر عنه (ع) : لقد ذكركم الله في كتابه فقال : من المؤمنين رجال صدقوا (الآية) انّكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا وانّكم لم تبدّلوا بنا غيرنا ، وعنه (ع) انّه قال ، قال رسول الله (ص) : يا علىّ (ع) من احبّك ثمّ مات فقد قضى نحبه ، ومن احبّك ولم يمت فهو ينتظر ، وما طلعت شمس ولا غربت الّا ظلّت عليه برزق وايمان (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ) تعليل لصدقوا ومن الغايات المترتّبة عليه يعنى صدقوا فيصير صدقهم مورثا لان يجزيهم الله أجرهم وان يجعلهم الله ميزانا لنفاق المنافق ويعذّبهم بنفاقهم (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) ان تابوا ورجعوا عن النّفاق الى الصّدق ، أو ان وفّقوا للتّوبة ، أو تعليل لوعدنا الله ، أو لصدق الله ، أو لقوله ما زادهم الّا ايمانا ، وحينئذ يكون أيضا من الغايات المترتّبة عليه ، أو تعليل لقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أو لقوله جاءتكم جنود أو لارسلنا عليهم ريحا ، أو لكان الله بما تعملون بصيرا أو لجاءوكم من فوقكم أو لابتلى المؤمنون والفاصل لمّا كان من متعلّقات المعلول لم يكن مانعا من تعلّق العلّة بها وعملها فيها (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) تعليل لقوله أو يتوب عليهم (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) حال عن واحدة من الجمل السّابقة المناسبة له أو عطف على قوله قالوا هذا ما وعدنا الله أو على قالت الاعراب أو على يقول أو على ابتلى المؤمنون أو على زلزلوا أو على زاغت الأبصار أو جاؤكم أو جاءتكم يعنى اذكروا نعمة الله إذ ردّ الله الّذين يعنى الأحزاب (بِغَيْظِهِمْ) حقدهم (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) منكم من ظفر وغنيمة (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) بإرسال الرّيح والملائكة عليهم ، وفي اخبار كثيرة انّ المعنى كفى الله المؤمنين القتال بعلىّ بن ابى طالب (ع) يعنى في تلك الغزوة أو مطلقا فانّه دخل على الكفّار وهن بقتل عمرو بن عبد ودّ وتقوّى المؤمنون ولم يبق لهم حاجة الى القتال بحيث يقتل المؤمنون في القتال ولذلك ورد : ضربة علىّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثّقلين (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا) لا يمكن لأحد مدافعته وممانعته عن مراده (عَزِيزاً) غالبا كلّ غالب (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) يعنى ظاهروا الأحزاب (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) وهم بنو قريظة فانّهم نقضوا عهد الرّسول (ص) وظاهروا الأحزاب وقصّتهم وقصّة نقض عهدهم بوسوسة حىّ بن اخطب الّذى كان من بنى النّضير ونزولهم من صياصيهم وقتلهم وأسر نسائهم وذراريهم مذكورة في المفصّلات (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) وهي