سواء كانوا منكم من حيث النّسب أو لم يكونوا (وَالصَّالِحِينَ) اى المؤمنين فانّ المراد بالصّلاح هاهنا الإسلام أو المتعفّفين فانّه أيضا صلاح النّفس (مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) فانّهم ان كانوا متزوّجين ومزوّجات كانوا أسلم من الرّيبة وأصلح للخدمة (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) الضّمير راجع الى الأيامى فقط أو إليهم والى الصّالحين على القول بتملّك العبيد والإماء ، أو على ان يكون المراد بهم العبيد والإماء الّذين أعتقهم مواليهم ويكون الله تعالى أمر المسلمين بتزويجهم وعدم التّأنّف منهم لكونهم عبيدا وإماء ، أو المعنى ان يكونوا محتاجين الى الأزواج بغلبة الشّبق والعزوبة ، أو المراد ان يكونوا فقراء الى الله تعالى محتاجين اليه في الخلاص من الكثرات والالتذاذ بالتّوحيد (يُغْنِهِمُ اللهُ) عن الكثرات (مِنْ فَضْلِهِ) بحيث لا يكون الكثرات حجبا لهم ويكونون مشاهدين لله في الكثرات فانّ رفع حجاب الكثرة وان كان بالعزلة أسهل ومشاهدة جمال التّوحيد في الوحدة أكمل لكنّ المعتزل كلّما اشتغل بالكثرات للضّرورة الدّاعية إليها لانّه خلق محتاجا إليها كانت الكثرات حجبا بل يكون سترها أقوى واشدّ ولذلك ترى المرتاضين المعتزلين قلّما يتحمّلون واردات المعاشرة مع الخلق ولا يمكنهم المعاملة مع الخلق والاقامة فيهم (وَاللهُ واسِعٌ) لا يعجز من التّوسعة عليهم ولا يخاف من عولهم (عَلِيمٌ) بالتّسبيبات الخفيّة فيعلم انّ النّكاح سبب للغناء وان لم تعلموا أنتم ذلك ، أو عليم باستعداد كلّ وصلاحه فان لم يغن بعضا بالنّكاح كان يعلم منه باستعداده وبانّ صلاحه في فقره فلا يقول قائل : نرى بعض من تزوّج لا يصير غنيّا ، أو عليم بكم فيعلم انّ النّكاح يزيد في فقركم وحاجتكم فيزيله عنكم بعد ما نكحتم بأمره ، ولمّا بيّن حكم أولياء الأيامى وشركائهم في الايمان بيّن حكم الأيامى أنفسهم مع اشعار ما بانّ الواجب على المؤمنين رفع المانع من نكاح الأيامى إذا كان المانع من قبلهم مثل التّأنّف وملاحظة الكفاءة في الحسب والنّسب وملاحظة الفقر وعدم القدرة على الإنفاق أو على التّعيّش لا تهيّة الأسباب مثل الصّداق والنّفقة والكسوة فقال (وَلْيَسْتَعْفِفِ) الأيامى من الرّجال والنّساء (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) بعدم وجدان الأزواج لرجالهم ونسائهم أو عدم وجدان ما يحتاجون اليه في نكاحهم من الصّداق والنّفقة والكسوة والمسكن أو بمنع الأولياء من النّكاح وعدم القدرة على مخالفتهم (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ) من فقر الدّنيا فيجدوا ما يتيسّر لهم النّكاح أو من الفقر الى وجدان الأزواج فيجدوا لأنفسهم أزواجا أو من الفقر الى رفع منع الأولياء أو يغنيهم الله من النّكاح بان انسى طبائعهم توليد النّطفة وأطفى حرارة النّطفة الموجودة فلا توذي بدغدغتها ولا بامتلاء الاوعية بها أو بان جعل قلوبهم بسبب الاستعفاف معلّقة بالملإ الأعلى ونفوسهم تابعة لها فلا يشتغلون بالطّبيعة ولوازمها وملاذّها فيغنيهم (مِنْ فَضْلِهِ) عن النّكاح ، أو المعنى وليستعفف بالتّزويج الأيامى من الرّجال والنّساء الّذين لا يجدون نكاحا ووطيا بان لم يكن لهم أزواج ولم يتزوّجوا مخافة الفقر حتّى يغنيهم الله بالنّكاح الّذى يخافون الفقر بسببه ، وعلى هذا يكون الآية الاولى امرا للمؤمنين وأولياء الاعزاب بتزويج الأيامى ، والآية الثّانية امرا للاعزاب أنفسهم بالتّزويج كما نسب الى الصّادق (ع) في هذه الآية انّه قال : يتزوّجون حتّى يغنيهم الله من فضله ، وعنه (ع) : من ترك التّزويج مخافة العيلة فقد أساء الظّنّ بربّه لقوله سبحانه : ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، ونسب الى النّبىّ (ص) انّه قال : من احبّ فطرتي فليستنّ بسنّتى ، ومن سنّتى النّكاح ، وقال (ص) : يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج فانّه اغضّ للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم فانّه له وجاء ، والوجاء كناية عن قطع الشّهوة فانّه بمعنى رضّ الأنثيين الّذى يذهب بشهوة الجماع ، ونسب اليه (ص) انّه قال : من أدرك له ولد وعنده ما يزوّجه فلم يزوّجه فأحدث فالإثم بينهما ، ونسب