مظاهره الّذين هم أنبياؤه وأولياؤه (ع) هدى أهل السّماوات والأرض أو مبيّنون لأهل السّماوات والأرض أو بحسب مظاهره الّتى هي لطائف الولاية ، والنّبوّة والرّسالة نور السّماوات والأرض في العالم الكبير أو في العالم الصّغير بالوجوه السّابقة أو بحسب مظاهره الّتى هي الأرواح والعقول والقلوب والنّفوس البشريّة والنّفوس الحيوانيّة نور السّماوات والأرض في العالم الصّغير بالوجوه السّابقة ، أو بحسب مظهره الّذى هو ضياء الشّمس نور السّماوات والأرض الطّبيعيتين بالمعنى المدرك لكلّ أحد ، أو بحسب مظهره الّذى هو مثال أوليائه الظّاهر في صدور السّالكين نور السّماوات والأرض في العالم الصّغير ان لم يكن ذلك المثال قويّا على إنارة خارج عالم السّالك ، أو في العالم الصّغير والكبير ان صار المثال قويّا على إنارة الخارج أيضا ، والى هذا الوجه اشعار العارف الرّبّانىّ قدسسره بقوله :
كرد شهنشاه عشق در حرم دل ظهور |
|
قد ز ميان برفراشت رأيت الله نور |
أو بحسب مظهره الّذى هو قوّة الواهمة والمتخيّلة والخيال ، أو بحسب مظهره الّذى هو المدارك الباطنة أو هو المدارك الظّاهرة (مَثَلُ نُورِهِ) اى صفته أو حديثه (كَمِشْكاةٍ) اى كصفة مشكوة أو حديث مشكوة وقد مضى سابقا انّ التّشبيهات التّمثيليّة لا يلزم فيها ذكر جميع أجزاء المشبّه ولا ذكر جميع أجزاء المشبّه به ولا التّرتيب بين اجزائهما ولا ذكر جزء مخصوص عقيب اداة التّشبيه ولا الإتيان بلفظ المثل في جانب المشبّه ولا في جانب المشبّه به ولا الإتيان بأداة التّشبيه ، وأضاف النّور الى ضمير الله مع انّ المناسب ان يقول مثله لانّه جعله نفس النّور للاشارة الى انّ الذّات بحسب مقام الغيب ومقام الذّات الاحديّة لا خبر عنه ولا حكم عليه وانّما الخبر والحكم عليه بحسب مقام ظهوره بمراتب ظهوره كما أشرنا اليه والمشكوة الكوّة الغير النّافذة (فِيها) اى في المشكوة الّتى لا ينفذ النّور منها (مِصْباحٌ) اى سراج (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) في تكرار المصباح ظاهرا معرّفا تفخيم وتعجيب من شأنه كما انّ تنكيره اوّلا يفيد التّفخيم (الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) قرئ بضمّ الدّال وكسرها مشدّد الياء ومهموز الآخر منسوبا الى الدّرّ أو فعّولا مشدّد العين مضموم الفاء أو فعّيلا مشدّد العين مضموم الفاء أو مكسورها من الدّرء بمعنى الدّفع وعلى اىّ تقدير فهو بمعنى شديد التلألؤ (يُوقَدُ) قرئ بالياء التّحتانىّ وبالتّاء الفوقانىّ مبنيّا للمفعول من أوقد ، وقرئ توقّد ماضيا مبنيّا للفاعل من التّوقّد (مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) فانّ في الزّيتونة كثرة نفع للعرب من حيث انّها طعام وشراب وفاكهة وادام ودهن ، وتوقّد الكواكب أو الزّجاجة أو المصباح من تلك الشّجرة باعتبار توقّد فتيلة المصباح بدهن ثمرتها (لا شَرْقِيَّةٍ) لا تكون في مشرق الحائط حتّى لا يقع عليها الشّمس مدّة من اوّل النّهار (وَلا غَرْبِيَّةٍ) لا تكون في مغرب الحائط حتّى لا يقع عليها الشّمس مدّة من آخر النّهار فيكون زيتها أصفى وثمرها أشهى لكونها بارزة للشّمس طول النّهار ، أو المعنى انّها ليست من شجر الدّنيا فانّ شجر الدّنيا لا تكون الّا شرقيّة أو غربيّة أو شرقيّة وغربيّة جميعا بالاضافة الى الجهات المتخالفة ، أو المعنى انّها لا تكون منسوبة الى شروق الشّمس بحيث لا يقع عليها ظلّ فيحترق ثمرها ولا منسوبة الى غرب الشّمس بحيث لا يكون الشّمس غاربة عنها دائما فلا ينضج ثمرها ، أو المعنى انّها ليست من الشّجر الواقع في جهة الشّرق أو جهة الغرب من المعمورة فانّ هاتين الجهتين لشدّة حرارة الشّمس فيهما يحترق ثمر شجرهما بل تكون واقعة في وسط المعمورة فيكون ثمرها أتمّ نضجا غير محترق من حرّ الشّمس وغير نىّ من برد الهواء (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) لفرط صفائه ولطافته (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ).