بالنّسبة إلينا فهو حقير بالنّسبة الى وهّابيّتك.
اعلم ، انّه يرى من ظاهر الآية انّ سليمان (ع) بخل بعطاء الملك لغيره وقد أشير في الاخبار الى ذلك مثل قول رسول الله (ص) : رحم الله أخي سليمان بن داود (ع) ما كان أبخله ، وقد ذكر في الاخبار في دفع توهّم البخل انّ مراده (ع) لا ينبغي ان يقال من بعدي انّه مأخوذ بالغلبة والجور فأعطاه الله تعالى ملكا لا يمكن ان يقال : انّه مأخوذ بالغلبة مثل ملك الجبابرة حيث سخّر له الرّيح وجملة دوابّ الأرض وطيرها ، وذكر في الاخبار في بيان قول النّبىّ (ص) انّ مراده (ع) ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه ، أو المراد ما كان أبخله ان كان أراد ما كان يذهب اليه الجهّال ، وعن الأكابر انّ مراده هب لي ملكا لائقا بمقامى لا ينبغي لأحد يكون مقامه بعد مقامي وليس هذا بخلا بل سؤالا لما يليق بمقامه أو بما يليق بمن يكون مقامه فوق مقامه «ف» اجبناه وأعطيناه ذلك و (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً) ليّنة (حَيْثُ أَصابَ) اى أراد اصابته (وَالشَّياطِينَ) وسخّرنا له الشّياطين (كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) بدل تفصيلىّ من الشّياطين (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) قائلين (هذا) الّذى أعطيناك من الملك الّذى لم يكن لأحد من البشر أو هذا الإعطاء (عَطاؤُنا) عطيّتنا أو اعطائنا (فَامْنُنْ) ما شئت لمن شئت (أَوْ أَمْسِكْ) ما شئت ممّن شئت (بِغَيْرِ حِسابٍ) وتقدير منك لما مننت وأمسك لوفور ما أعطيناك وعدم نقصانه بإعطائك بغير حساب وتقدير أو بغير مطالبتنا منك حساب ما أعطيت أو أمسكت لتفويض الأمر إليك ، عن الصّادق (ع) في قوله تعالى : هذا عطاؤنا (الآية) قال : اعطى سليمان (ع) ملكا عظيما ثمّ جرت هذه الآية في رسول الله (ص) فكان ان يعطى من شاء ما شاء ويمنع من شاء ما شاء وأعطاه أفضل ما اعطى سليمان (ع) لقوله : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) وقيل : للرّضا (ع) حقّا علينا ان نسألكم؟ قال : نعم ، قيل : حقّا عليكم ان تجيبونا؟ ـ قال : ذاك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل ، ثمّ قرأ هذه الآية (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) رفع لتوهّم انّ درجات الآخرة والقرب من الله لعلّها تنافي هذا الملك العظيم في الدّنيا لانّ الدّنيا والآخرة ضرّتان لا تجتمعان (وَحُسْنَ مَآبٍ وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ) بدل من عبدنا بدل الاشتمال كما انّ ايّوب بدل منه بدل الكلّ والمعنى اذكر ايّوب (ع) وابتلاؤه وشدّة بلائه ليكون تسلية لك عن ابتلائك فانّ الأنبياء (ع) قلّما يكونون بلا بلاء واذكر وقت التجائه إلينا لشدّة بلائه ليكون أسوة لامّتك في ذلك حتّى يتذكّروا ذلك ويلتجؤا حين الاضطرار إلينا ، واذكر إجابتنا له بأحسن الاجابة حتّى تكونوا على رجاء تامّ بإجابتنا (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) النّصب بضمّ النّون وسكون الصّاد وضمّها وبفتح النّون وسكون الصّاد وفتحها التّعب ، وقرئ بها جميعا ، ونسب العذاب الى الشّيطان تكرّما وحياء من نسبة السّوء الى الله ، وقيل : كان الشّيطان يوسوس اليه ويقول : طال مرضك ولا يرحمك ربّك ، وقيل : كان يقول : كنت في نعمة وولد وأهل كذا ، ووقعت الآن في بليّة كذا لعلّه يجزع ، وقيل : اشتدّ مرضه حتّى اجتنبه النّاس فوسوس الى النّاس ان يستقذروه ويخرجوه ولا يتركوا امرأته ان تدخل عليهم وكان ايّوب (ع) يتأذّى بذلك فشكا ذلك ولم يشك البليّة (ارْكُضْ) يعنى اجبناه وقلنا : اركض (بِرِجْلِكَ) الأرض فضرب برجله الأرض فنبعت عين فقلنا له (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) اى ما يغتسل فيه وما يشرب منه ، والمقصود الأمر بالاغتسال والشّرب منه فاغتسل وشرب وبرء كأحسن ما يكون (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ) الّذين هلكوا في اوّل ابتلائه (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) اى الّذين هلكوا من قبل ابتلائه وقد سبق في سورة الأنبياء بيان لنسبة ايّوب (ع) ونسبة امرأته وقد بيّن هناك مدّة ابتلائه وكيفيّة ابتلائه وبيان إيتاء اهله وكيفيّة إيتاء مثلهم معهم (رَحْمَةً مِنَّا) من غير استحقاق